على أحدهما دون الآخر، تكون كمن يمشي على رجل واحدة، أو يطير بجناح واحد.
إن التصدي لهؤلاء المستهترات - إن وجدن - أن تصدر قوانين صارمة بتشديد العقاب على كل من تسول له نفسه استغلال الحجاب لتسهيل الجرائم وإشباع الأهواء، فمثل هذا التشديد جائز شرعًا في شريعة الله الغراء التي حرصت على صيانة النفس، ووقاية العرض، وجعلتهما فوق كل اعتبار، وإذا كان التخوف من سوء استغلال الحجاب مخطرة محتملة، إلا أن المخطرة في التبرج والسفور بنشر الفاحشة وفتح ذرائعها مقطوع بها لدى كل عاقل.
ويدلي بعضهم بحجة مقلوبة فيقول: إن عفة الفتاة حقيقة كامنة في ذاتها، وليست غطاء، يلقى ويُسدل على جسمها، وكم من فتاة محتجبة عن الرجال في ظاهر، وهي فاجرة في سلوكها، وكم من فتاة حاسرة الرأس سافرة) الوجه لا يعرف السوء سبيلَا إلى نفسها أو سلوكها؟
* قال الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي في دفع هذه الشبهة:
"إن هذا صحيح، فما كان للثياب أن تنسج لصاحبها عفة مفقودة، ولا
أن تخلق له استقامة معدومة، وربَّ فاجرة سترت فجورها بمظهر سترها، ولكن من هذا الذي فى زعم أن الله سبحانه وتعالى إنما شرع الحجاب لجسم المرأة ليخلق الطهارة نفسها أو العفة في أخلاقها؟
ومن هذا الذي زعم أن الحجاب إنما شرعه الله ليكون إعلانا بأن كل
من لم تلتزمه فهي فاجرة تنحط في وادي الغواية؟
إن من حكمة الله عز وجل في تشريع الحجاب وفرضه على المرأة المحافظة على عفة الرجال الذين تقع أبصارهم عليها، وليس فقط حفاظا على عفتها من الأعين التي تراها، ولئن كانت تشترك معهم هي الأخرى في هذه الفائدة في كثير من الأحيان، فإن فائدتهم من ذلك أعظم وأخطر، وإلا