هناك ولا حياء ولكنه الموت والجمود والذل الذي ضربه الله على هؤلاء النساء في هذا البلد أن يعشن في قبور مظلمة من خدورهن وخمرهن حتى يأتيهن الموت فينقلهن من مقبرة الدنيا إلى مقبرة الآخرة فلابد لي أن أبلغ أمنيتي وأن أعالج هذا الرأس القاسي المتحجر علاجاً ينتهي بإحدى الحسنيين إما بكسره أو بشفائه "
فورد علي من حديثه ما ملأ نفسي هماً وحزناً ونظرت إليه نظرة الراحم الرائي:
" أعالم أنت أيها الصديق ما تقول؟ "
قال: " نعم أقول الحقيقة التي أعتقدها وأدين نفسي بها واقعة من نفسك ونفوس الناس جميعاً حيث وقعت "
قلت: " هل تأذن لي أن أقول لك أنك عشت فترة طويلة في ديار قوم لا حجاب بين رجالهن ونسائهن فهل تذكر أن نفسك حدثتك يوماً من الأيام وأنت فيهم بالطمع في شيء مما لا تملك يمينك من أعراض نسائهم فنلت ما تطمع فيه من حيث لا يشعر مالكه؟ "
قال: " ربما وقع لي شيء من ذلك فماذا تريد؟ " قلت: " أريد أن أقول لك إني أخاف على عرضك أن يلم به من الناس ما ألم بأعراض الناس منك "
قال: " إن المرأة الشريفة تستطيع أن تعيش بين الرجال وهي من شرفها وعفتها في حصن حصين لا تمتد إليه المطامع "
فداخلني ما لم أملك نفسي منه وقلت له: " تلك هي الخدعة التي يخدعكم بها الشيطان أيها
الضعفاء والثلمة التي يعثر بها في زوايا رؤوسكم فينحدر منها إلى عقولكم ومدارككم فيفسدها عليكم الشرف كلمة لا وجود لها إلا في قواميس اللغة ومعاجمها فإن أردنا أن نفتش عنها في قلوب الناس وأفئدتهم قلما نجدها والنفس الإنسانية كالغدير الراكد لا يزال صافياً رائقاً حتى يسقط فيه حجر فإذا هو مستنقع كدر والعفة لون من ألوان النفس لا جوهر من جواهرها وقلما تثبت الألوان على أشعة الشمس المتساقطة "
قال: " أتنكر وجود العفة بين الناس؟ "
قلت: " لا أنكرها لأني أعلم أنها موجودة بين البله والضعفاء والمتكلفين ولكنني أنكر وجودها عند الرجل القادر المختلب والمرأة الحاذقة المترفقة إذا