للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى الحجاب والنقاب بعين المقت والازدراء وصوره أقبح تصوير وأشنعه فيما كتب ونشر وعدَّ (حبس) المرأة - على حد تعبيره - من أبرز عيوب الإسلام ولكن أنى للمنهزمين أن يغضوا عن هذه النقيصة التي أخذها (سادتهم) عليهم فيما أخذوا؟! لقد فعلوا في هذه المسألة - الحجاب - مثل ما فعلوا في مسائل الجهاد والرق وتعدد الزوجات وما شاكلها من المسائل فما كان منهم إلا أن عمدوا إلى الكتاب والسنة يتصفحون أوراقهما وإلى كتب الفقه والأحكام ينقبون عن اجتهادات الأئمة فيها وأقوال الفقهاء لعلهم يجدون في ثناياها ما يعينهم على أن يغسلوا عن أنفسهم هذا العار الذميم الذي عيرهم به الغربيون.

فإذا بهم يقعون على أقوال لبعض الأئمة تجيز للمرأة أن تبدي وجهها وكفيها وتخرج كذلك من بيتها لحوائجها ويؤخذ منها أيضاً أن المرأة يجوز لها أن تشهد الحرب لسقي المجاهدين ومداواة الجرحى ثم وجدوا في تلك الأقوال إذناً بخروج المرأة إلى المسجد للصلاة وجلوسها للتعلم والتعليم فكفاهم هذا القدر من المعلومات لأن يدعوا أن الإسلام قد أعطى للمرأة حرية مطلقة (١٣) وأن الحجاب من تقاليد الجهلاء اتخذه المتأخرون من المسلمين الجامدين المتشددين ولا أثر له في آية ولا في حديث وإنما القرآن والسنة يعلمان الحياء والعفاف على سبيل التوجيه الخلقي العام وليس فيهما قانون أو ضابط بقيد حركة المرأة وتنقلها بقيد ما.

ومن الضعف الطبيعي في الإنسان إنه إذ اختار مذهباً من المذاهب في شئون حياته يكون بدء اختياره لذلك المذهب بنزعة عاطفية غير عقلية ثم يأتي بعد ذلك فيستعين بالمنطق والعقل ليثبت كون نزعته تلك صحيحة معقولة كذلك وقع في أمر الحجاب أيضاً فما عرضت للمسلمين مسألة الحجاب لشعورهم بضرورة عقلية أو شرعية إليه وإنما أتت من ذلك الميل والنزوع الذي نشأ من تأثرهم ببريق


(١٣) يأتي في ثنايا هذا البحث إبطال هذه الادعاءات ومناقشة شبهات القوم إن شاء الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>