ميادين العلم وضعفوا في صراعهم للرقي الدنيوي وتحكمت فيهم واستولت عليهم أمم أجنبية وهذا فرق عظيم بين معتقدات الإسلام ومعتقدات الديانات الأخرى في العالم " (٤١١) .
فالأمر عكسي بالنسبة لنا تماماً: فإن تاريخنا يعبر عن تقدم حضاري في كافة المجالات وإذا نحن طالبنا (بالترقي) إلى مستوى السلف فإننا نعني بذلك التمسك بالمفاهيم الإسلامية الشاملة للعقيدة والعبادة والشريعة وسائر الأنشطة الإنسانية التي منها - بلا شك - الحقل العلمي.
ولكننا في الوقت نفسه لا نزعم - ولا نظن أن عاقلاً يخطر له على بال - أن نضع الأمة الإسلامية في متحف للتاريخ! بمعنى أن نطالب بإرجاعها للأخذ بوسائل العصور السابقة في الحياة العمرانية بأساليبها في الإنتاج والنقل والتعليم والتطبيب وتشييد المدن وتجهيز الجيوش وبناء المدارس والجامعات والمستشفيات....إلخ.
ويتضح لكل دارس للإسلام أن المفهوم الإسلامي للحضارة أرقى بكثير من التصور الغربي فلا نحن نرضى بتخلف المسلمين الحالي عن تحقيق النموذج الإسلامي ولا نرضى في الوقت نفسه بتقليد الغرب في فلسفته ومضامينه الفكرية الشاملة.
أما نبذ السلفية بحجة التسابق مع الزمن واللحاق بكل ما هو جديد فمنهج خاطئ قائم على مفاهيم غربية متصلة بفلسفتها فإن ما نراه اليوم جديداً سيصبح غداً - وحتماً - قديماً فليست الموازنة إذن بين قديم وجديد موازنة صحيحة ولكن ينبغي أن تتم بالمقارنة بين الحق والباطل أياً كان العصر والزمان لأن القيم لا تتغير ولا تتبدل فليس الجديد مقدماً بالضرورة عن سلفه.
ولعلنا نصدم أصحاب دعوى التجديد المتغربين النابذين للسلفية عندما نضع
(٤١١) " المخاطر التي تواجه الشباب المسلم وكيف نتوقاها؟ " للأستاذ الدكتور مصطفى حلمي ص (٤٨ - ٤٩) .