لفصاحتهم وذلاقة ألسنتهم إلى أن قال عز وجل (هم العدو) أي هم الكاملون في العداوة والراسخون فيها فإن أعدى الأعادي العدو المداجى الذي يكاشرك وتحت ضلوعه الداء الدوي (فاحذرهم) لكونهم أعدى الأعادي ولا تغترن بظاهرهم
فلا تقنع بأول ما تراه فأول طالع فجر كذوب
فمن هذا الباب قول الكاتب (فالقرآن الكريم كتابهم وكتابي) نقول: إن القرآن حق في نفس الأمر وليس هو محتاجاً لأن يحامي مثلك عنه والمحاماة عن القرآن تكون بإقامة البراهين ودفع الشبهات الباطلة أما تحريف معناه وتغييره أما تجاهله والإعراض عنه أما مراغمة نصوص القرآن ومعاكستها ووصف الممتثلين لها بوصف (الردة والنكسة
والمأساة) وما إلى ذلك من العبارات الشنيعة فهذا كله إفساد للقرآن وصد عن سبيله واستحلال لحرماته واستهزاء بآياته:
(بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون)
الأنبياء (١٨)
ولئن جاز أن يتسامح المسلمون مع الكاتب فيما كتب - وهذا بعيد جداً - فلا يمكن أن يتسامحوا معه بأي وجه من الوجوه حينما (أبى واستكبر وعاند) الآيات التي بلغها إليه القراء في رسائلهم الغاضبة ثم إذا به يضرب بها كلها عرض الحائط ويتبجح في عتو عناد بمقولة تعيد إلى أذهاننا عناد صناديد قريش:
(إنني لم أجد في تلك الرسائل جميعاً ما يحملني على أن أغير حرفاً مما كتبته ولو أعدت الكتابة لكررت ما قلته كلمة كلمة) اهـ
فإذ لم يرفع بآيات الله الآمرة بالحجاب رأساً فإنا نذكره بقول الله تبارك وتعالى:
(ويل لكل أفاك أثيم يسمع آيات الله تتلى عليه ثم يصر مستكبراً كأن لم يسمعها فبشره بعذاب أليم وإذا علم من آياتنا شيئاً اتخذها هزواً أولئك لهم عذاب مهين) الجاثية (٧ - ٩) .