للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما المسخ فما أكثره في هذا العصر ... الذي مُسِخَ فيه معظم البشر آلاتٍ تحرك آلات.. فلا وفاء ولا حنان ولا عدالة ولا أمان ... فكأن الأرض كلها على فُوَّهة بركان!

من "أوربة" تأتي الفتن:

وليس الغرب وحده هو المسئول عن شيوع الفاحشة في قديم العالم وحديثه ... فكثير من الأم مشتركة في تبعة هذا الاتجاه الرهيب.. ولكنْ لا مراء أن الغرب مسئول إلى حدّ كبير عن انتصار الرذيلة، وامتداد ظلماتها على أنحاء العالم في عصرنا الراهن، وذلك بما سخر من علومه، ومواهبه للدعاية إلى هذه الفاحشة، وتزيينها في أعين المغفلين.. وبخاصة من هذا الشرق.

ولعل سرور الغرب بنجاحه في إفساد أخلاقنا أعظم بكثير من سروره باستنزاف أموالنا في منتجاته الصناعية الكمالية وغيرها، كما يشهد بذلك المنصر الأمريكي "بيارد دودج" حين يقول في محاضرة له عن الإسلام: ".. ويلوح في أن هوليود قد أثرت في الجيل الحاضر من المسلمين أكثر من تأثير مدارسهم الدينية " (٢٧) .

ونحن العربَ- مع الخجل الكبير- لم نقصر في الترويج لهذه المفاسد قديما وحديثًا، ولكن الرذيلة هي الرذيلة سواء انتسبت إلى الشرق أو إلى الغرب، وعندما تهاجم النار دارا لا يسأل أهلها: " من أين جاءت؟ "، قبل أن يبذلوا وسعهم في إخمادها، ونحن عندما نشير إلى الغرب في كلامنا عن أخطار التحلل الأخلاقي المشهود، فلكي ندل على المنفذ الكبير الذي يجب إغلاقه لنتمكن من حصر الخطر، وقد كان لنا عبرة في ماضينا الوجيع


(٢٧) "تأملات" للمجذوب، نقلًا عن "الإسلام في نظر الغرب" (ص ٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>