(إن كثيراً ممن نعتبرهم اليوم دعائم النهضة الحديثة لم يصبحوا كذلك في أوهام الناس إلا بسبب الدعايات المغرضة التي أرادت أن تضعهم في هذه المنزلة لتحقق بذلك أغراضها في نشر مذاهبهم والتمكين لأرائهم ولأن كثيراً من الآراء المنحرفة التي لم تكن تستطيع أن تجد طريقها إلى الفكر الإسلامي وإلى مجتمعاته قد أصبح قبولها ممكناً بنسبتها إلى هذه الزعامات وإلى هؤلاء الأئمة الذين لا يتطرق إلى الناس شك في إخلاصهم وعلمهم والواقع أن كثيراً من هؤلاء الرجال قد أحيطوا بالأسباب التي تبني لهم مجداً وذكراً بين الناس ولم يكن الغرض من ذلك خدمتهم ولكن الغرض منه كان ولا يزال هو خدمة المذاهب والآراء التي نادوا بها والتي وافقت أهداف الاستعمار ومصالحه
وخطة الاستعمار واليهودية العالمية في ذلك كانت تقوم - ولا تزال - على السيطرة على أجهزة النشر التي نسميها الآن " الإعلام " وإلقاء الأضواء من طريقها على كُتاب ومفكرين من نوع خاص يبنون وينشئون بالطريقة التي يبني بها نجوم التمثيل
والرقص والغناء بالمداومة عن الإعلان عنهم والإشادة بهم وإسباغ الألقاب عليهم ونشر أخبارهم وصورهم وذلك في الوقت الذي يُهمل فيه الكتاب والمفكرون الذين يمثلون وجهات النظر المعارضة أو تُشوه آراؤهم وتُسفه ويُشهَّر بهم ثم هي تقوم على تكرار آرائهم آناً بعد آن لا يملون من التكرار لأنهم يعلمون أنهم يخاطبون في كل مرة جيلاً جديداً أو هم يخاطبون الجيل نفسه فيتعهدون بالسقي البذور التي ألقوها من قبل.
ونحن حين ندعو إلى إعادة النظر في تقويم الرجال لا نريد أن ننقص من قدر أحد ولكننا لا نريد أن تقوم في مجتمعنا أصنام جديدة معبودة لأناس يزعم الزاعمون أنهم معصومون من كل خطأ وأن أعمالهم كلها حسنات لا تقبل القدح والنقد حتى أن المخدوع بهم والمتعصب لهم والمروج لآرائهم ليهيج ويموج إذا وصف أحد الناس إماماً من أئمتهم بالخطأ في رأي من آرائه في الوقت الذي لا يهيجون