للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حملتُها أكثر مما حملت ... فهل ترى جازيتها يا ابن عمر؟

ثم قال: يا ابن عمر! أتراني جزيتها؟ قال: لا، ولا بزفرة واحدة) (٣٩٢) .

وعنه أيضًا رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " بينما ثلاثةُ نَفَرٍ يتماشَون، أخذهم المطر، فمالوا إلى غارٍ في الجبل، فانحطَّت على فم غارهم صخرة من الجبل، فأطبقت عليهم، فقال بعضهم لبعض: انظروا أعمالًا عملتموها لله صالحة، فادعوا الله بها لعله يُفَرِّجُها، فقال أحدهم: " اللهم إنه كان لي والدان شيخان كبيران، ولي صبية صغار، كنت أرعى عليهم، فإذا رجعت عليهم، فحلبت، بدأتُ بوالديَّ أسقيهما قبل ولدي، وإنه قد نأى بي الشجَرُ (٣٩٣) ، فما أتيتُ حتى أمسيتُ، فوجدتهما قد ناما، فحلبت كما كنت أحْلُب، فجئت بالحِلَاب، فقمتُ عند رؤوسهما أكره أن أوقظهما، وأكره أن أبدأ بالصبية قبلهما، والصبية يتضاغَوْنَ (٣٩٤) عند قدمي، فلم يزل ذلك دَأبي ودأبهم حتى طلع الفجر، فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك، فافرج لنا فُرْجة نرى منها السماء، ففرَّج الله لهم حتى يرون السماء" الحديث (٥٣٩) .

(وكان الفضل بن يحيى أبر الناس بأبيه، بلغ من بِره إياه أنهما كانا في السجن، وكان يحيى لا يتوضأ إلا بماء سخن، فمنعهما السجان من


(٣٩٢) رواه البخاري في " الأدب المفرد " رقم (١١) ، وابن المبارك في البر والصلة، والبيهقي في شعب الإيمان في الخامس والخمسين، والزفرة: المرة من الزفير، وهو تردد النفس حتى تختلف الأضلاع، وهذا يعرض للمرأة عند الوضع.
(٣٩٣) نأى بي الشجر: بَعُدَ المرعى والرجوع عنه.
(٣٩٤) يتضاغون: يُصَوِّتون باكين.
(٣٩٥) رواه البخاري (٨/٣) ط. الشعب، ومسلم (٨/٨٩) في الرقاق، وابن حبان (٤٩٧- موارد) ، وانظر: " مجمع الزوائد " (٨/١٤٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>