للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تشد متني "، فنزعها، ثم درج لِمته، وشد قميصه وجبته، وخرج وهو يقول:

أبي لابن سلمى أن يُعير خالدا ... ملاقي المنايا أي صرف تيمما

فلست بمبتاع الحياة بسُبَّةٍ ... ولا مرتقٍ من خشية الموت سُلَّما

وقال لأصحابه: " احملوا على بركة الله، وليشغل كل منكم رجلًا، ولا يلهينَّكم السؤال عني، فإني على الرعيل الأول "، ثم حمل عليهم حتى بلغ بهم الحجون، وهنالك رماه رجل من أهل الشام بحجر فأصاب وجهه، فأخذته منه رعدة، فدخل شعبًا من شعاب مكة يستدمي، فبصُرت به مولاة له، فقالت:

" وا أمير المؤمنينا! "، فتكاثر عليه أعداؤه عند ذلك فقتلوه، وصلبه الحجاج، فأقام جثمانه على الجذع، حتى إذا أمر عبد الملك بإنزاله، أخذته أمه فغسلته بعد أن ذهبوا برأسه، وذهب البلى بأوصاله، ثم كفنته، وصلت عليه، ودفنته) (٤٣٩) .

وروى ابن حزم بسنده عن صفية بنت شيبة قالت: (دخل ابن عمر المسجد فأبصر ابن الزبير مطروحا قبل أن يصلب، فقيل له: " هذه أسماء "، فمال إليها وعزاها، وقال: " إن هذه الجثث ليست بشيء، وإن الأرواح عند الله عز وجل فقالت له أسماء: " وما يمنعني، وقد أهدى رأس يحيى إِلى بغي من بغايا بني إسرائيل ") (٤٤٠) .

قال عروة: (دخلت أنا وأخي قبل أن يُقتل، على أمنا بعشر ليال، وهى وَجِعَة، فقال عبد الله: " كيف تجدينك؟ قالت: " وَجِعة "،


(٤٣٩) السابق (٢/١٣٠- ١٣٢) بتصرف، وانظر " البداية والنهاية، (٨/٣٢٩ - ٣٤٥) .
(٤٤٠) المحلى (٢/٢٢) ، وانظر: " سير أعلام النبلاء " (٢/٢٩٤ - ٢٩٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>