له بمال الرجل، فأحمد الرجل صنيعها، وأربح تجارتها في قصة طلية ساقها ابن خلكان، قال:
(وكان فرُّوخ أبو ربيعة خرج في البعوث إلى خراسان أيام بنى أمية، وربيعة حمل في بطن أمه، وَخَلَّفَ عند زوجته أم ربيعة ثلاثين ألف دينار، فقدم المدينة بعد سبع وعشرين سنة وهو راكب فرسا، وفي يده رمح، فنزل، ودفع الباب برمحه، فخرج ربيعة، وقال:" يا عدو الله أتهجم على منزلي؟ "، فقال فروخ: (يا عدو الله أنت دخلت على حرمي؟ "، فتواثبا حتى اجتمع الجيران، وبلغ مالكَ بن أنس، فأتوا يعينون ربيعة، وكثر الضجيج، وكل منهما يقول: " لا فارقتك"، فلما بصروا بمالك سكتوا، فقال مالك: (أيها الشيخ لك سَعَة في غير هذه الدار "، فقال الشيخ:" هي داري، وأنا فروخ "، فسمعت امرأته كلامه، فخرجت، وقالت:" هذا زوجي، وهذا ابنى الذي خَلَّفه، وأنا حامل به "، فاعتنقا جميعا وبكيا، ودخل فروخ المنزل، وقال:" هذا ابني؟ "، فقالت:" نعم "، قال:" أخرجي المال الذي عندك "، قالت- تُعَرضُ -: " قد دفنته، وأنا أخرجه "، ثم خرج ربيعة إلى المسجد، وجلس في حِلْقته، فأتاه مالك والحسن وأشراف أهل المدينة، وأحدق الناس به، فقالت أمُه لزوجها فروخ: (اخرج فصل في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم "، فخرج فنظر إلى حلقة وافرة، فأتاها، فوقف عليها، فنكس ربيعة رأسه يوهمه أنه لم يره، وعليه قلنسوة طويلة، فشك أبوه فيه، فقال: " من هذا الرجل؟ "، فقيل: " هذا ربيعة بن أبي عبد الرحمن "، فقال: " لقد رفع الله ابني "، ورجع إلى منزله، قال لوالدته: " لقد رأيت ولدك في حالة ما رأيت أحدًا من أهل العلم والفقه عليها "، فقالت أمه: " فأيما أحب إليك: ثلاثون ألف دينار أو هذا الذي هو فيه؟ "، فقال: " لا والله، بل هذا "، فقالت: " أنفقت المال كله عليه "، قال: " فوالله