فاضطرب الناسُ أكثر، فوثبت أم إبراهيم، وقالت لعبد الواحد:" يا أبا عبيد، قد والله أعجبتْني هذه الجاريةُ، وأنا أرضاها عروسا لولدي، فهل لك أن تزوِّجَهُ منها هذه الساعة، وتأخذَ مني مهرها عشرة آلاف دينار، ويخرج معك في هذه الغزوة، فلعل الله يرزقه الشهادة، فيكون شفيعا لي ولأبيه في القيامة؟ "، فقال لها عبد الواحد:" لئن فعلتِ لتفوزَن أنتِ وولدك وأبو ولدِكِ فوزا عظيمًا "، ثم نادت ولدها:" يا إبراهيم "، فوثب من وسط الناس، وقال لها:" لبيك يا أماه "، قالت:" أي بُنَي، أرَضِيت بهذه الجارية زوجةً ببذل مهجتك في سبيله، وتركِ العَوْدِ فِي الذنوب؟ "، فقال الفتى:" إي والله يا أماه، رَضِيتُ أي رضًا "، فقالت:" اللهم إني أشهِدك أني زَوَّجت ولدي هذا من هذه الجارية، ببذل مهجته في سبيلك، وترك العود في الذنوب، فتقبلْه مني يا أرحم الراحمين"، قال: ثم انصرَفَتْ، فجاءت بعشرة آلاف دينار، وقالت:" يا أبا عبيد، هذا مهر الجارية تَجَهَزْ به، وجَهِّز الغزاةَ في سبيل الله تعالى "، وانصرفت، فابتاعت لولدها فرسا جيدًا، واستجادت له سلاحا، فلما خرج عبد الواحد خرج إبراهيمُ يعدو، والقراءُ حولَه يقرءون: (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة، قال: فلما أرادت فِراق ولدها، دفعت إليه