للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زينة من غير مأثم) (٦٨٢) .

وقد سرى هذا الفهم إلى التابعين، فهذا يحيى بن عبد الرحمن الحنظلي يقول: أتيت محمد بن الحنفية فخرج إليَّ في مِلْحَفَةٍ حمراء، ولحيته تقطر من الغالية (٦٨٣) ، فقلت: " ما هذا؟ "، قال: " إن هذه المِلْحَفَةَ ألقتها علي امرأتي، ودهنتني بالطيب، وإنهن يشتهين مِنا ما نشتهي منهن " (٦٨٤) .

(قال العلماء: أما زينة الرجال فعلى تفاوت أحوالهم؛ فإنهم يعملون ذلك على اللبَق (٦٨٥) والوفاق، فربما كانت زينة تليق في وقت، ولا تليق في وقت، وزينة تليق بالشباب، وزينة تليق بالشيوخ، ولا تليق بالشباب،.. والمقصود أنه يكون عند امرأته في زينة تسرها، وتُعِفها عن غيره من الرجال) (٦٨٦) اهـ.

وقد وسعت شريعة الله الإباحة فيما يتزين به الإنسان، ولم تقيده إلا تقييدًا يسيرَا، لكي لا تخرج الزينة إلى المفسدة المضرة، قال تعالى: (يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين) الأعراف (٣١) .

وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: قال صلى الله عليه وسلم: " كلوا، وتصدقوا، والتبسوا في غير إسراف ولا مخيلة " (٦٨٧) .


(٦٨٢) تقدم برقم (٥٨٩) .
(٦٨٣) الغالية: طيب معروف.
(٦٨٤) " التبيان فيما يحتاج إليه الزوجان " ص (٣٤) ، ولم يعزه.
(٦٨٥) اللبق: بالفتح، اللباقة والحذق.
(٦٨٦) "الجامع لأحكام القرآن" (٣/١٢٤) .
(٦٨٧) أخرجه النسائي (٥/٧٩) في الزكاة: باب الاختيال في الصدقة، وكذا البخاري تعليقا (١٠/٢١٥) في اللباس: في فاتحته، وابن ماجه (٣٦٠٥) ، والإمام أحمد (٢/١٨١) ، والحاكم (٤/١٣٥) ، وصححه، ووافقه الذهبي، وابن أبي شيبة في

<<  <  ج: ص:  >  >>