للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم يستطرد (عدو المرأة المسلمة) قائلاً: (نحن لا نستغرب أن المدنية الإسلامية أخطأت في فهم طبيعة المرأة وتقدير شأنها فليس خطؤها في ذلك أكبر من خطئها في كثير من الأمور الأخرى ... )

ويقول (.. والذي أراه أن تمسكنا بالماضي إلى هذا الحد هون من الأهواء التي يجب أن ننهض جميعاً لمحاربتها لأنه ميل إلى التدني والتقهقر..هذا هو الداء الذي يلزم أن نبادر إلى علاجه وليس له من دواء إلا أننا تربي أولادنا على أن يعرفوا شئون المدنية الغربية ويقفوا على أصولها وفروعها وآثارها إذا أتى هذا الحين - ونرجو أن لا يكون بعيداً - انجلت الحقيقة أمام عيوننا ساطعة سطوع الشمس وعرفنا قيمة التمدن الغربي وتيقنا أن من المستحيل أن يتم إصلاح ما في أحوالنا إذا لم يكن مؤسساً على العلوم العصرية الحديثة وإن أحوال الإنسان مهما اختلفت وسواء كانت مادية أو أدبية خاضعة لسلطان العلم لهذا نرى أن الأمم المتمدنة على اختلافها في الجنس واللغة والوطن والدين متشابهة تشابهاً عظيماً في شكل حكومتها وإدارتها ومحاكمها ونظام عائلتها وطرق تربيتها ولغاتها (١١٧) وكتابتها ومبانيها


= أوساط العلماء الأزهريين وإنما كان قاسم أمين قد أعد أصول الكتابين في ذهنه قبل نشرهما وخطط لإخراجهما بهذه الصورة وقاسم أمين نفسه كان يؤمن بطريقة غرس الأفكار بالتدريج فقد قال في الصفحات الأولى من " تحرير المرأة "
: (إني لست ممن يطمع في تحقيق آماله في وقت قريب لأن تحويل النفوس إلى وجهة الكمال في شئونها لا يسهل تحقيقه وإنما يظهر أثر العاملين فيه ببطء شديد في أثناء حركته الخفية وكل تغيير يحدث في أمة من الأمم وتبدو ثمراته في أحوالها فهو ليس بالأمر البسيط وإنما هو مركب من ضروب من التغيير كثيرة تحصل بالتدريج في نفس كل فرد شيئاً فشيئاً ثم تسري من الأفراد إلى مجموع الأمة فيحدث التغيير في حال ذلك المجموع نشأة أخرى للأمة) اهـ من " تحرير المرأة " ص (٢، ٣) . وهذا يوضح أن قاسماً كان يضمر في نفسه شيئاً لم يشأ أن يعلنه في هذا الكتاب حتى لا تسقط كل جهوده فأبرزه في كتابه الثاني " المرأة الجديدة " التي كانت - بالفعل - امرأة " جديدة " مغايرة تماماً لتلك التي رأيناها في كتابه الأول " تحرير المرأة ".
فالحاصل أن كل ما يمكن تركه هجوم شيوخ الأزهر من أثر هو حدة الكلمات والعبارات لا جوهر الفكر ذاته - والله تعالى أعلم - انظر " المؤامرة على المرأة المسلمة " ص (٦٥، ٧٨) .
(١١٧) من المعروف أن قاسم أمين كان يدعو إلى ثورة في لغة الأدب وخطته في ذلك تشبه ثورته الاجتماعية، =

<<  <  ج: ص:  >  >>