وهناك ناس يشغلون عن زوجاتهم بمعاشرة الأصدقاء، وحضور الحفلات والسهرات، والاشتراك في الرحلات، فترى الواحد منهم بعيدًا عن بيته وأهله في معظم الأوقات.. وإن لم يذهب من الدار جاء هؤلاء الأصدقاء إليه وكان مكلفًا بقِراهم وخدمتهم، وهو بطبيعة الحال سيدعو زوجته إلى إعداد ما سيقدم إلى ضيوفه من أنواع الطعام والشراب.
إن هذا الإنسان قد يكسب ودّ عدد من الأصدقاء، وقد يكسب سمعة اجتماعية جيدة ولكنه يعرض نفسه إلى خسران السعادة البيتية.
وهناك ناس يشغلون عن زوجاتهم بأمور محمودة كما شغل أبو الدرداء عن زوجته، فتراهم في ذكر وعبادة، ونصح للناس ودعوة، وقراءة وكتابة.
إن هؤلاء فقدوا القدرة على الموازنة بين الحقوق المتعددة، وفقدان القدرة على هذه الموازنة يورث خللا واضطرابا في الحياة الداخلية للفرد منهم.
في حياته مع زوجه وأولاده، إن الأهل والذرية من أحق الناس بالعناية وبأن توجه الدعوة إليهم، إن الواحد من هؤلاء الذين فقدوا القدرة على تلك الموازنة لا يلبث أن يستيقظ من غفلته، فإذا هو في واد، وزوجته وأولاده في واد آخر، أفكاره غير أفكارهم، ومواقفه تختلف عن مواقفهم، وسلوكه في الحياة بعيد عن سلوكهم وذلك لأنه ترك أهله خاضعين لمؤثرات أخرى من وسائل الإعلام والصحافة ومن البيئة التي قد يسود فيها الانحراف، والعلاقات والقرابات، وربما كان كثير منها لا يتفق مع اتجاهه في الحياة، ومن أصعب الأمور على النفس أن يرى المرء زوجه وأولاده يسيرون في طريق الزيغ والانحراف والضلال.
إن هؤلاء الذين يشغلون عن أهليهم يجنون بعد حين الصاب والعلقم، ويتجرعون غصص العناء والشقاء، والحياة اليوم معقدة الجوانب، مترعة