للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كثير من أحياء العاصمة والإسكندرية لأعرف درجة احترام الناس لهن وماذا يكون شأنهم معهن إذا خرجن حاسرات فرأيت من فساد أخلاق الرجال بكل أسف ما حمدت الله على ما خذل من دعوتي واستنفر الناس إلى معارضتي..رأيتهم ما مرت بهم امرأة أو فتاة إلا تتطاولوا إليها بألسنة البذاء ثم ما وجدت زحاماً في طريق فمرت به امرأة إلا تناولتها الأيدي والألسنة جميعاً.. أنني أرى أن الوقت ليس مناسباً للدعوة إلى تحرير المرأة بالمعنى الذي قصدته من قبل) (١٢٦)

وقد كان نشر هذا الكلام قبل موته بعام ونصف فلعله رأى - بعد أن تغيرت الظروف بزوال " كرومر " وانطفاء نفوذ " نازلي فاضل " ربيبته - أن يتخفف من تبعه هذه الدعوة المدمرة بل ربما كان لبعض التجارب أثرها في نفسه فمما يروى (أن صديقاً عزيزاً " هو المؤرخ الإسلامي رفيق العظم " زاره ذات مرة فلما فتح له الباب قال: " جئت هذه المرة من أجل التحدث مع زوجك في بعض المسائل الاجتماعية! " فدهش قاسم أمين كيف يطلب مقابلة زوجته ومحادثتها؟ فقال له صديقه: " ألست تدعو إلى ذلك؟ إذاً لماذا لا تقبل التجربة مع نفسك؟ " فأطرق " قاسم أمين " صامتاً)

(١٢٧)

(وكلمته زوجة قاسم من وراء ستار وأفهمته أن قاسماً لم يدعو إلى السفور ولا إلى الخلوة بأجنبي) (١٢٨) .


(١٢٦) نقلاً عن كتاب (رجال اختلف فيهم الرأي) للأستاذ أنور الجندي ص (٢٩) طبع دار الأنصار.
(١٢٧) عن مجلة (الاعتصام) عدد رمضان سنة ١٣٩٩ هـ.
(١٢٨) " قاسم أمين " د / " ماهر حسن فهمي " ص (١٥٩) ،
= ومن الجدير بالذكر أن زوجة (قاسم أمين) كانت محجبة حجاباً كاملاً وقد ذكرت في بعض تصريحاتها بعد
وفاته:
(أنه - أي قاسم - لم يرغمها على السفور عندما كان ينادي إليه) وتقول: (إنها ظلت ترتدي البرقع
والحبرة) وإن قاسماً (كان يكتفي بالمناداة بفكرته ولكنه لم يطبقها في أسرته إلا على النشء الجديد، أعني
بناته) ثم تحاول تبرئة قاسم من وزر الفساد الذي ترتب على دعوته فتقول: (إن بنات الجيل الحالي
وشبابه قد أخطأوا فهم هذه الدعوة وتجاوزوا مداها فالمظهر الذي تظهر به فتيات هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>