ومن أهم هذه الآداب أن يراعى أحكام الشرع: فلا يكذب ولا يغتاب ولا يرمي أحدا بما ليس فيه، فاحرص يا أخي على أن يكون كلامك مع أهلك ومع الناس نظيفًا خيرا، وتذكر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:" من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت "(٩٩١) .
وأود أن أذكر أدبًا مهمُّا يتصل بالعناية بمخارج الحروف وإبلاغ السامع أو السامعين الصوت جليا: فهناك أفراد لا يهتمّون بهذه الناحية حتى تتشابه الكلمات في حديثهم، وربما وصلت الكلمة إلى أذن السامع على نحو يناقض قصد المتكلم، من هنا كان الوضوح في الكلام أدبًا مطلوبًا، ويعين على ذلك أن يتكلم المرء بفمه كله، وأن يتعوّد على هذا، وأن يراعي ما يألف السامعون من الحروف، وأن يمرن لسانه على المخارج الصحيحة.
وكذلك فإنّ عليه أن يسمع المخاطبين، فقد يحمل تكلفُ اللطف وتصنع الرزانة إنسانا على أن يتكلم بصوت منخفض جدا، حتى إن السامع لا يستطع أن يدرك مقصوده، وقد يريد الإسماع فيرفع صوته حتى يصدع رؤوس الناس، والتوسط في هذا هو المطلوب، وما بين ذلك قوام إن شاء الله.
أما أدب الاستماع فهو من الأهمية بمكان لا يقل عن الإلقاء بل يزيد عليه، لأنّ الانتباه إليه أمر مضيَّع قل من يراعيه من الناس.
وحسن الاستماع يزيد في حب الإنسان لصاحبه، ويجعله أكثر إقبالًا على الحديث، والانسجام مع قرينه، فمن هذا المنطلق ينبغي أن يحرص المرء على أن يثبت لمحدثه أنه يحبه لا سيما إن كان زوجًا، ففي ذلك توكيد لأسباب المودة والرحمة، وتوثيق لعرى الزوجية السعيدة، إنَّ عليه اًن يقبل
(٩٩١) أخرجه البخاري ومسلم من حديث أبي شريح الخزاعي، ومن حديث أبي هريرة: البخاري والترمذي رقم (٢٥٠٢) ، وصححه.