للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوَّامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم) الآية.

فأفادت أن للزوج الحقَّ في تأديب زوجته عند عصيانها أمره، ونشوزها عليه، تأديبًا يراعى فيه التدرج، الذي قد يصل إلى الضرب بشروطه، قال القرطبي رحمه الله في " تفسيره":

"اعلم أن الله عز وجل لم يأمر في شيء من كتابه بالضرب صُراحًا إلا هنا وفي الحدود العظام؛ فساوى معصيتهن أزواجهن بمعصية الكبائر، وولى الأزواج ذلك دون الأئمة، وجعله لهم دون القُضاة بغير شهود ولا بينات ائتمانًا من الله تعالى للأزواج على النساء.. " (١٠٨٠) اهـ.

الثانية: ثم ثنى تبارك وتعالى بذكر حال النساء الصالحات، فقال عز من قائل: (فالصالحات قانتات) أي مطيعات لله ثم لأزواجهن (حافظات للغيب بما حفظ الله) فالمرأة الصالحة تؤدى حقوق زوجها التي أعلاها طاعته في المعروف، ولذا فهي لا تحتاج إلى تأديب (١٠٨١) ، وأما غير الصالحة التي تخل بحقوق الزوجية، وتعصي زوجها فهي التي تحتاج إلى تأديب.

الثالثة: ثم ثلث سبحانه بذكر علاج المرأة الناشز العاصية المتمردة المترفعة على زوجها فقال تعالى: (واللاتي تخافون نشوزهن) قال ابن عباس: تخافون بمعنى تعلمون وتتيقنون، وقيل: هو على بابه، فعليه يُشرع في التأديب إذا ظهرت أمارات النشوز بالفعل أو القول.

والنشوز: العصيان؛ مأخوذ من النَّشز، وهو ما ارتفع من الأرض، فالمعنى: أي تخافون عصيانهن وتعاليهن عما أوجب الله عليهن من طاعة


(١٠٨٠) "الجامع لأحكام القرآن" (٥/١٧٣) .
(١٠٨١) وفي مثلها يقال:
رأيت رجالًا يضربون نساءهم ... فشُلت يميني حين أضرب زينبا

<<  <  ج: ص:  >  >>