للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

" ولا تضرب" أي الوجه كما تقدم (١٠٩٥) ، كذلك لا يكسر عظما، ولا يشين عضوًا، ولا يدميها، ولا يكرر الضربة في الموضع الواحد.

ومنها: أنها إن ارتدعت، وتركت النشوز، فلا يجوز له بحال أن يتمادى في عقوبتها، أو يتجنى عليها بقول أو فعل، لقوله تعالى: (فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلًا) .

قال شيخ المفسرين ابن جرير الطبري رحمه الله:

(فإن راجعن طاعتكم عند ذلك، وفئن إلى الواجب عليهن، فلا تطلبوا طريقًا إلى أذاهن ومكروههن، ولا تلتمسوا سبيلًا إلى ما لا يحل لكم من أبدانهن وأموالهن بالعلل، وذلك بأن يقول أحدكم لإحداهن، وهي له مطيعة: " إنكِ لست تحبيني "، فيضربها على ذلك أو يؤذيها " (١٠٩٦) اهـ.

وقال سفيان بن عيينة في تفسير قوله تعالى: (فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلًا) : "لا تكلفها الحب، لأن قلبها ليس في يدها " (١٠٩٧) .

فإن فعل شيئًا من ذلك وخاصم ففجر، وتعدى حدود الله فيها فهو من الظالمين، قال عز وجل: (تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون) ، ولهذا ختم الله عز وجل الآية بقوله: (إن الله كان عليا كبيرًا) وهو كما قال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى:


(١٠٩٥) تقدم برقم (٧٣٧) . (١٠٩٦) " تفسير الطبري" (٥/٦٩) .
(١٠٩٧) " زاد المسير" (٢/٧٦) ، لكن يجتهد في تكلف أسباب المحبة بالتحبب والتودد، قال صلى الله عليه وسلم: " إنما العلم بالتعلم، والحلم بالتحلم، ومن يتحر الخير يعطه، ومن يتوق الشر يوقه ".
ومن هذه الأسباب التهادي قال صلى الله عليه وسلم: " تهادوا تحابوا"، ومنها: إفشاء السلام، قال صلى الله عليه وسلم: " ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم "، ولله در القائل:
قد يمكث الناس دهرا ليس بينهُم ... وُد فيزرعه التسليم واللطفُ

<<  <  ج: ص:  >  >>