للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأبيها وابنها وأخيها وزوجها صرعى، وكلما سألت عن واحد وقالت: " من هذا؟ "، قيل لها: " هذا أبوك، وابنك، وزوجك، وأخوك "، فلم تكترث، بل صارت تقول: " ما فعل رسول الله؟ "، فيقولون: " أمامك "، حتى جاءته وأخذت بناحية ثوبه ثم جعلت تقول: " بأبي أنت وأمي يا رسول الله، لا أبالي إذا سلمت من عطب " (١٣٣٢) .

وقبل أن يدخل الرسول صلى الله عليه وسلم المدينة جاءت أم سعد بن معاذ سيد الأنصار رضي الله عنه تعدو نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على فرسه وسعد آخذ بلجامها، فقال سعد: " يا رسول الله.. أمي "، فقال: " مرحبًا بها "، فوقف لها، فلما دنت من رسول الله صلى الله عليه وسلم عزَّاها بابنها عمرو بن معاذ - وقد اسشهد في غزوة أحد وله اثنتان وثلاثون سنة- فقالت: " أما إذا رأيتك سالمًا، فقد اشتويْت المصيبة " - أي استقللتها -، ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل من قتل بأحد، وقال لأم سعد: " يا أم سعد أبشري، وبشري أهلهم أن قتلاهها ترافقوا في الجنة جميعا، وقد شفعوا في أهلهم جميعًا "، قالت: " رضينا يا رسول الله، ومن يبكي عليهم بعد هذا؟ ثم قالت: يا رسول الله ادع لمن خلفوا منهم "، فقال صلى الله عليه وسلم: " اللهم أذهب حزن قلوبهم، واجبر مصيبتهم، وأحسن الخلف على من خلفوا " (١٣٣٣) .

وهذه أم عُمَارة نَسيبة بنت كعب بن عمرو بن عوف الصحابية (الفاضلة المجاهدة الأنصارية الخزرجية، كان أخوها عبد الله بن كعب المازني من البدريين، وكان أخوها عبد الرحمن من البكَائين. شهدت أم عُمارة ليلة العقبة، وشهدت احُدًا، والحديبية، ويوم حُنين، ويوم اليمامة، وجاهدت، وفعلت الأفاعيل، وقُطِعت يدُها في الجهاد.


(١٣٣٢) " السيرة الحلبية " (٢/٤٤) .
(١٣٣٣) " السابق" (٢/٤٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>