أولها النظرة، ثم النظرة تولد خطرة تطرق القلب، فإن دفعها العبد استراح مما بعدها، وإن لم يدافعها قويت، فصارت وسوسة، فكان دفعها أصعب، فإن بادر ودفعها، وإلا قويت، وصارت شهوة، فإن عالجها، وإلا صارت إرادة، فإن عالجها، وإلا صارت عزيمة، ومتى وصلت إلى هذه الحال لم يمكن دفعها، وأقترن بها الفعل ولابد) (١) .
ولا ريب أن دفع مبادئ هذا الداء من أوله أيسر وأهون من استفراغه بعد حصوله إن ساعد القدر، وأعان التوفيق.
ومن هنا قال العليم الخبير:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ)[النور: ٢١] ، ولما أراد الله عز وجل أن ينهانا عن الفاحشة لم يقل:(ولا تزنوا) ، ولكن قال:(وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا)[الإسراء: ٣٢] ، فهذا أبلغ؟ لأنه نهى عن مجرد الدنو منه عن طريق ذرائعه ومقدماته، وقال سبحانه:(تِلْكَ حُدُودُ الله فَلَا تَقْرَبُوهَا)[البقرة: ١٨٧] ، فا بالك بمن يتخطاها؟!
ومن أجل ذلك كله كان (الحفاظ على العرض) أحد المقاصد الأساسية العليا للشريعة الإسلامية، والتي تدور حولها جملة كبيرة من الأحكام، مَنْ تأمَّلَها وجد أنها كُلَّها تقود إلى هدفٍ واحد وهو:"منع وقع فاحشة الزنا"؛
- تعظيمًا لحرمات الله.
- وصيانة للأعراض.
- ومحافظة على النسل.
- وتطهيرا للمجتمع من الرذيلة.
واتخذت الشريعة في ذلك اتجاهين:
الأول: اتجاه وقائي يمنع وقوع الفاحشة عن طريق سد المنافذ المؤدية إليها سدًّا محكمَا.