للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأطول الناس أعناقا، وأسماهم مقامًا، وأعرقهم عِزا إلى هاوية من الذل والازدراء والحقارة ليس لها من قرار.

وهو أقدر أنواع العار على نزع ثوب الجاه مهما اتسع، ونباهة الذكر مهما بعدت، وإلباس ثوب من الخمول ينبو بالعيون عن أن تلفت إلى من كان في بيوتهم لفتة احترام، وهو- أي الزنا- لطخة سوداء إذا لحقت تاريخ أسرة غمرت كل صحائفه البيض، وتركت العيون لا ترى منها إلا سوادًا حالكًا.

وهو الذنب الظلوم الذي إن كان في قوم لا يقتصر على شَيْن مَنْ قارفته من نسائهم، بل يمتد شينه إلى من سواها منهم، فيشينهن جميعا شينا يترّك لهن من الأثر في أعين الناظرين ما يقضي على مستقبلهم النسوي، وهو العار الذي يطول عمره طولا، فقاتله الله من ذنب، وقاتل فاعليه " (١) . وقال ابن القيم رحمه الله:

ومفسدة الزنا مناقضة لصلاح العالم، فإن المرأة إذا زنت أدخلت العار عل أهلها وزوجها وأقاربها، ونكست رؤوسهم بين الناس، وإن حملت من الزنا: فإن قتلت ولدها جمعت بين الزنا والقتل، وإن أبقته حملته على الزوج فأدخلت على أهلها وأهله أجنبيًا ليس منهم، فورثهم وليس منهم، ورآهم، وخلا بهم، وانتسب إليهم وليس منهم، وأما زنا الرجل فإنه يوجب اختلاط الأنساب أيضًا، وإفساد المرأة المصونة، وتعريضها للتلف والفساد، ففي هذه الكبيرة خراب الدنيا والدين " (٢) .

عود لى بدء

يعتبر إصلاح القلب، وتطهيره، وتعميره بتقوى الله عز وجل ومراقبته


(١) السابق (٣/ ٤٥٤- ٤٥٥)
(٢) انظر "روضة المحبين ونزهة المشتاقين" ص (٣٥٢- ٣٦٣)

<<  <  ج: ص:  >  >>