للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا ضير على المرأة أن تستعطر في بيتها ولزوجها، بشرط أن لا تغشى به مجالس الرجال؟ لأن الطيب من ألطف وسائل المخابرة والمراسلة، والحياء الإسلامي يبلغ من رقة الإحساس أن لا يحتمل حتى هذا العامل اللطيف الخفي.

خرجت امرأة في عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه متطيبة، فوجد ريحَها، فعلاها بالدرة، ثم قال: "تخرجن متطيبات، فيجد الرجل ريحكن؟ وإنما قلوب الرجال عند أنوفهم، اخرجن تَفِلات " (١) .

* ومنها تحريم الخضوع بالقول:

فقد يكون صوت المرأة رخيمًا، يحرك النفوس المريضة، فيجرها إلى التفكير في المعصية، أو يوقعها ويوقع بها في بلية العشق، قال بشار:

يا قومِ أُذْني لبعضِ الحَيِّ عاشِقَةٌ ... والأذْنُ تَعْشَقُ قبلَ العينِ أحيانا

ومن هنا نهيت المرأة عن مخاطبة الأجانب بكلام فيه ترخيم كما تخاطب زوجها، وأمرت أن تتحرى الصوت الجاد العاري عن أسباب الفتنة، ولم يخول لها الإسلام إذا نابها شيء في الصلاة أن تسبح كالرجال، بل عليها أن تصفق، وهي في الحج لا ترفع صوتها بالتلبية، ولا يشرع لها أن تؤذن للصلاة في المسجد، ولا أن تؤم الرجال.

وقد سدَّ الإسلام على المرأة كل سبيل للتسيب في هذا الباب حينما جعل أمهات المؤمنين " محلا للقدوة، فلم يبق هناك عذر لمعتذر، قال تعالى: (يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا [الأحزاب: ٣٢] ) ،

وقال صلى الله عليه وسلم: "والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام " (٢) .

وفي رواية: "والأذن تزني، وزناهما السمع ".


(١) المصنف للإمام عبد الرزاق بن همام الصنعاني (٤/ ٣٧٠) .
(٢) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>