للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبعد

فهكذا نظم الإسلام الحياة الاجتماعية للناس تنظيما دقيقا، ووضع لهم التشريعات التي تكفل سعادتهم واستقامتهم، وقد تبين لنا من هذا الباب كيف أن الشريعة الإلهية عندما تحرم شيئا فإنها لا تكتفي بتحريمه فحسب،

بل إنها تنادي في الوقت ذاته بتحريم كل ما يرغب الناس في إتيانه، أو يهيئ لهم فرصه، أو ما يكرههم عليه من الأسباب والدواعي.

فها هي الشريعة المطهرة عندما تحرم الجريمة تحرم معها أسبابها وذرائعها ووسائلها، حتى تستوقف المرء على مسافة بعيدة قبل أن يفضي إلى حدود الجريمة الأصلية.

ولا ترتضي الشريعة المحكمة حين تحرم شيئًا من الجرائم أن تلقي في روع الناس أن العقوبة قد وجدت لمجرد التنكيل بهم، ومحاسبتهم فقط، بل تشعرهم بأنها ناصحة لهم، ومصْلِحَة لمفاسدهم، ومُذَلِّلَةٌ لمشاكلهم، فتستخدم كل ما يؤثر فيهم من التدابير الوقائية الممكنة، وكذا الإجراءات العلاجية التي توصد باب الفتنة، وتعين على اجتناب الموبقات.

وقد بان لك موقع الحجاب الشرعي من هذه الإجراءات، وكيف أن فرضيته تتواءم مع مقاصد الشريعة التي منها: المحافظة على النسل والعرض.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>