للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فأصبح جامعا لعلمهم.

قال ابن وضاح: كان أهل الحجاز يحتاجون لابن وهب في علم الحجاز، وأهل العراق في علم العراق (١) ويقول ابن وهب: أدركت من أصحاب ابن شهاب أكثر من عشرين رجلا، فقد أكثر من الحديث، ولذا قال: لولا مالك، والليث، لضللت، فيقولان له: خذ هذا، واترك هذا (٢).

قال القاضي عياض: وله نحو أربعمائة شيخ من المصريين، والحجازيين، والعراقيين، حتى عاب عليه شيخه مالك ذلك، فقال له: أي فتى لولا الاكثار.

وسبب هذه الكثرة هو اقباله على طلب العلم، بنهم وحرص شديدين (٣).

ولقد أتاح له سكنه في المدينة مع ما جبلت عليه نفسه في أول أمره، من طلب العبادة والتنسك، حتى. إنه حج ستا وثلاثين، مرة، مما يتيح له اللقاء بالعلماء، وكما قال تعالى: {لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ} (٤) قال سحنون: قسم ابن وهب دهره أثلاثا: ثلثا في الحج، وثلثا يعلم الناس بمصر، وثلثا في الرباط، وذكر أنه حج ستا وثلاثين حجة (٥) وكان تكراره للحج يتيح له لقاء المحدثين، والأخذ عنهم، وكذلك عند عودته للمدينة لا يترك وقته يضيع سدى، بل يستقل كل فرصة، فيقول عن نفسه: رأيت هشام بن عروة جالسا في مسجد النبي صلّى الله عليه وسلم فقلت: آخذ عن ابن سمعان، وأصير الى ابن هشام، فلما فرغت، قمت الى منزل هشام، فقالوا: قد نام، فقلت: أحج وأرجع، فرجعت، فوجدته قد مات (٦) ولكنه لزم عالم ومفتي المدينة الذي وثق في علمه وورعه، فلازمه حتى وفاته سنة ١٧٩ هـ.

قال أبو طاهر بن السرح: لم يزل ابن وهب يسمع من مالك، من سنة ١٤٨ هـ


(١) ترتيب المدارك، ١/ ٤٢٢.
(٢) شجرة النور الزكية لابن فرحون ص: ١٣٣.
(٣) المرجع السابق ١/ ٤٢٢، ٤٢٣.
(٤) سورة الحج الآية ٢٨.
(٥) سيرأعلام النبلاء. للذهبي ٩/ ٢٢٦.
(٦) تاريخ الإسلام للذهبي، وفيات ٩١ - ٢٠٠، ص ٢٦٥، وترتيب المدارك ١/ ٤٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>