للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[الفصل التاسع [عبادته]]

كان رحمه الله تعالى، في حياته الخاصة على أحسن ما يكون عليه العلماء، ورجال الفضل، والدين، فكان عفيفا، كريما، غني النفس، متباعدا عن ذوي الجاه، والسلطان، عابدا، ورعا، زاهدا، خائفا من الله تعالى، خاشعا، متواضعا.

يقول تلميذه سحنون بن سعيد: كان ابن وهب قد قسم دهره أثلاثا: ثلثا في الرباط، وثلثا في الحج، وثلثا يعلم الناس بمصر.

وذكر أنه حج ستا وثلاثين حجة (١) أما عن الرباط، فيقول ابن أخيه:

أحمد بن عبد الرحمن بن وهب: كنت معه بالاسكندرية، مرابطا، فاجتمع الناس عليه يسألونه نشر العلم، فقال لي: هذا بلد عبادة، وقال: ما أمهد لنفسي فيه مع شغل الناس، فترك الجلوس لهم في الأوقات التي كان يجلس، وأقبل على العبادة والحراسة، فبعد يومين أتاه انسان، فأخبره أنه رأى نفسه في مسجد عظيم، نحو المسجد الحرام، والنبي صلّى الله عليه وسلم فيه، وأبو بكر عن يمينه، وعمر عن يساره، وأنت بين يديه، وفي المسجد قناديل تزهر أحسن شيء، وأشدها ضياء، اذ خفت منها قنديل فانطفأ، فقال لك رسول الله صلّى الله عليه وسلم قم يا عبد الله أوقده، فأوقدته، ثم آخر كذلك، ثم أقمت أياما فرأيت القناديل كلها همت أن تطفأ، فقال أبو بكر: يا رسول الله:

أما ترى هذه القناديل؟ فقال صلّى الله عليه وسلم هذا عمل عبد الله، يريد يطفئها، فبكى ابن وهب، فقال له الرجل: جئت لأبشرك، ولو علمت أنه يغمك لم آتك، فقال: خير، هذه الرؤيا وعظت بها، ظننت أن العبادة أفضل من نشر العلم،


(١) ترتيب المدارك ١/ ٤٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>