للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

باتقانه، وكان يجيز الاجازة، وقد اجاز لمعين في رواية معين، قال أبو بكر بن حماد: لما فرغت من قراءة كتبي، كلها على عمرو، وهي كتب ابن وهب، قلت يا أبا محمد، كيف كان سماعك من ابن وهب؟، قال لي: يا بني، اقال لك أحد فينا شيء؟ ثم قال لي: والله ما أحب أن يعذب أحد من أمة محمد صلّى الله عليه وسلم بسببي في النار، أبطل الله سعيه وصومه وصلاته وسائر عمله، ان كنت أخذتها من ابن وهب، الا قراءه، قرأت عليه أنا، وقرأ علي ولو كانت اجازة لقلت انها اجازة، وقد حضرت ابن وهب واتاه رجل بكتبه في تلّيس (*) وقيل له: يا أبا محمد، هذه كتبك، فقال له ابن وهب:

صححت وقابلت؟ فقال: نعم، فقال له: اذهب فحدث بها فقد أجزتها لك فاني حضرت مالكا وقد فعل مثل ذلك (١).

وقال الذهبي مقوما حال ابن وهب: هذا الفعل مذهب طائفة وإن الرواية به سائغة، وبه يقول الزهري: وابن عيينة (٢)، وقال الذهبي: وقد تمعقل بعض الأئمة على ابن وهب في أخذ الحديث، وانه كان يترخص في الاخذ، وسواء ترخص ورأى ان ذلك سائغا او تشدد فمن يروي مائة الف حديث ويندر المنكر في سعة ما روى فإليه المنتهى في الاتقان (٣) ويكفيه قول الامامين أبي زرعة والنسائي وما من يروي مائة الف حديث ولا يستلحق عليه في شيء الا وهو ثبت حافظ، والله لو غلط في المائة الف في مائتي حديث لما أثر ذلك في ثقته (٤).

وقد عرف ابن وهب بكثرة رواية الحديث مما جعل الامر يختلط عليه في بعضها، لولا ان مالكا في المدينة، والليث في مصر كانا يبينان له الصواب من الرواية والمتن، وهو يقر ذلك بنفسه في قوله: لولا ان الله انقذني بمالك والليث لضللت، فقيل له: كيف؟ فقال: اكثرت من الحديث فحيرني، فكنت اعرض ذلك على مالك والليث فيقولان: خذا هذا ودع هذا، وقال عنه احمد بن صالح: كان ابن وهب يتساهل في المشائخ ولو أخذ مأخذ مالك لكان خيرا له (٥).


(١) رياض النفوس لابي عبد الله المالكي ١/ ٣٨٧.
(٢) سير أعلام النبلاء ٩/ ٢٣١. وميزان الاعتدال ٣/ ٥٢١.
(٣) الديباج المذهب ١٣٣.
(٥) ترتيب المدارك ١/ ٤٢٥.
(*) تلس: التليسة: وعاء يسوى من الخوص شبه قفة لسان العرب ٦/ ٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>