للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الليل، وكان من محبته له يحيطه بالنصح والتوجيه، فيقول له: اتق الله واقتصر على علمك، فانه لا يقتصر أحد على علمه الا نفع وانتفع، فان كنت تريد لما طلبت ما عند الله، فقد أصبت ما تنفع به، وان كنت تريد بما تعلمت الدنيا، فليس في يدك شيء (١) وكان يجله ويحترمه، قال القاضي عياض: ما من أحد الا زجره مالك، الا ابن وهب، فانه كان يحبه ويعظمه، وكان ابن وهب حريصا على ألا يفوته شيء من علم مالك.

قال أحمد بن صالح: لم يكن مالك يتكلم بشيء الا كتبه ابن وهب، وكانت العلاقة بينهما متينة، حتى أنه يعرض عليه ما كتب، فيقر الصواب، ويمحو الخطأ.

قال ابن وهب: كنت آتي مالكا، وهو شاب، قوي، يأخذ كتابي فيقرأ منه، وربما وجد الخط فيأخذ خرقة، فيبلها في الماء فيمحوه، ويكتب لي الصواب (٢) ولذلك برع في علم مالك، وتفوق على قرنائه، ويقرون له بالتقدم والتفوق في علم شيخهم الامام مالك.

قال هارون القاضي الزهري: كان أصحاب مالك بالمدينة يختلفون في قول مالك بعد وفاته، فينتظرون قدوم ابن وهب، فيصيرون عن رأيه، وشهد له عدد من العلماء بصحة ما أخذ عن مالك.

قال علي بن الجنيد: سمعت أبا مصعب يعظم ابن وهب، وقال ابن وهب:

كنت بين يدي مالك أكتب، فأقيمت الصلاة وبين يديه كتب منشورة، فبادرت لأجمعها، فقال لي: على رسلك، فليس ما تقدم عليه بأفضل مما أنت فيه، اذا صحت فيه النية.

وقال ابن وهب: ما تعلمت من أدب مالك أكثر مما تعلمت من علمه (٣) ومن توجيهات مالك لابن وهب قوله له: خير الأمور ما كان واضحا بينا أمره، وان كنت في أمرين، أنت منهما في شك، فخذ بالذي هو أوفق.


(١) المرجع السابق ١/ ١٩٠.
(٢) ترتيب المدارك، للقاضي عياض ١/ ٤٢٦.
(٣) سير أعلام النبلاء ٨/ ١١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>