للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْقَبِيحِ كَانُوا أَقْرَبَ إِلَى فِعْلِ الْمَأْمُورِ، وَتَرْكِ الْمَحْظُورِ، فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ إِمَامٌ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَعْصُومًا؛ لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعْصُومًا لَمْ يَحْصُلْ بِهِ الْمَقْصُودُ، وَلَمْ تُدَّعَ الْعِصْمَةُ لِأَحَدٍ بَعْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَّا لِعَلِيٍّ، فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ هُوَ إِيَّاهُ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى انْتِفَاءِ مَا سِوَاهُ، وَبُسِطَتْ لَهُ الْعِبَارَةُ فِي هَذِهِ الْمَعَانِي.

ثُمَّ قَالُوا: وَعَلِيٌّ نَصَّ عَلَى الْحَسَنِ، وَالْحَسَنُ عَلَى الْحُسَيْنِ (١) إِلَى أَنِ انْتَهَتِ النَّوْبَةُ إِلَى الْمُنْتَظَرِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ صَاحِبِ السِّرْدَابِ الْغَائِبِ.

فَاعْتَرَفَ بِأَنَّ هَذَا تَقْرِيرُ مَذْهَبِهِمْ عَلَى غَايَةِ الْكَمَالِ.

قُلْتُ لَهُ: فَأَنَا وَأَنْتَ طَالِبَانِ لِلْعِلْمِ، وَالْحَقِّ، وَالْهُدَى، وَهُمْ يَقُولُونَ: مَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِالْمُنْتَظَرِ فَهُوَ كَافِرٌ، فَهَذَا الْمُنْتَظَرُ هَلْ رَأَيْتَهُ؟ . أَوْ رَأَيْتَ مَنْ رَآهُ؟ أَوْ سَمِعْتَ لَهُ بِخَبَرٍ؟ (٢) أَوْ تَعْرِفُ شَيْئًا مِنْ كَلَامِهِ الَّذِي قَالَهُ هُوَ؟ أَوْ مَا أَمَرَ بِهِ، أَوْ مَا نَهَى عَنْهُ مَأْخُوذًا عَنْهُ، كَمَا يُؤْخَذُ عَنِ (٣) الْأَئِمَّةِ؟ .

قَالَ: لَا.

قُلْتُ: فَأَيُّ فَائِدَةٍ فِي إِيمَانِنَا هَذَا؟ وَأَيُّ لُطْفٍ يَحْصُلُ لَنَا بِهَذَا، ثُمَّ كَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُكَلِّفَنَا اللَّهُ بِطَاعَةِ شَخْصٍ، وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ مَا يَأْمُرُ بِهِ، وَلَا مَا يَنْهَانَا عَنْهُ، وَلَا طَرِيقَ لَنَا إِلَى مَعْرِفَةِ ذَلِكَ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ؟ وَهُمْ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ


(١) ن، م: حُسَيْنٍ.
(٢) أ، ب: أَوْ سَمِعْتَ بِخَبَرِهِ.
(٣) أ، ب: مِنَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>