للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْ أَمْثَالِهِمْ، بِخِلَافِ الْعَسْكَرِيِّينَ وَنَحْوِهِمَا (١) ; فَإِنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ أَهْلُ الْعِلْمِ الْمَعْرُوفُونَ بِالْعِلْمِ عَنْهُمْ شَيْئًا، فَيُرِيدُونَ أَنْ يَجْعَلُوا مَا قَالَهُ الْوَاحِدُ مِنْ هَؤُلَاءِ هُوَ قَوْلُ الرَّسُولِ الَّذِي بَعَثَهُ اللَّهُ إِلَى جَمِيعِ الْعَالَمِينَ، بِمَنْزِلَةِ الْقُرْآنِ وَالْمُتَوَاتِرِ مِنَ السُّنَنِ. وَهَذَا مِمَّا لَا يَبْنِي عَلَيْهِ دِينَهُ إِلَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَبْعَدِ النَّاسِ عَنْ طَرِيقَةِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ.

[زعم الرافضة أن إِجْمَاعَهم هُوَ إِجْمَاعُ الْعِتْرَةِ وَأن إِجْمَاعُ الْعِتْرَةِ مَعْصُومٌ]

وَأَصَّلُوا أَصْلًا ثَالِثًا: وَهُوَ أَنَّ إِجْمَاعَ الرَّافِضَةِ هُوَ إِجْمَاعُ الْعِتْرَةِ، وَإِجْمَاعُ الْعِتْرَةِ مَعْصُومٌ. وَالْمُقْدِمَةُ الْأَوْلَى كَاذِبَةٌ بِيَقِينٍ. وَالثَّانِيَةُ فِيهَا نِزَاعٌ، فَصَارَتِ الْأَقْوَالُ الَّتِي فِيهَا صِدْقٌ وَكَذِبٌ عَلَى أُولَئِكَ بِمَنْزِلَةِ الْقُرْآنِ لَهُمْ، وَبِمَنْزِلَةِ السُّنَّةِ الْمَسْمُوعَةِ مِنَ الرَّسُولِ، وَبِمَنْزِلَةِ إِجْمَاعِ الْأُمَّةِ وَحْدَهَا.

وَكُلُّ عَاقِلٍ يَعْرِفُ دِينَ الْإِسْلَامِ وَتَصَوَّرَ هَذَا، فَإِنَّهُ يَمُجُّهُ أَعْظَمَ مِمَّا يَمُجُّ الْمِلْحَ الْأُجَاجَ وَالْعَلْقَمَ، لَا سِيَّمَا مَنْ كَانَ لَهُ خِبْرَةٌ بِطُرُقِ أَهْلِ الْعِلْمِ، لَا سِيَّمَا مَذَاهِبُ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الرِّوَايَاتِ الصَّادِقَةِ الَّتِي لَا رَيْبَ فِيهَا عَنِ الْمَعْصُومِ الَّذِي لَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى ; فَإِنَّ هَؤُلَاءِ جَعَلُوا الرَّسُولَ الَّذِي بَعَثَهُ اللَّهُ إِلَى الْخَلْقِ هُوَ إِمَامُهُمُ الْمَعْصُومُ، عَنْهُ يَأْخُذُونَ دِينَهُمْ، فَالْحَلَالُ مَا حَلَّلَهُ، وَالْحَرَامُ مَا حَرَّمَهُ، وَالِدَيْنُ مَا شَرَعَهُ، وَكُلُّ قَوْلٍ يُخَالِفُ قَوْلَهُ فَهُوَ مَرْدُودٌ عِنْدَهُمْ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي قَالَهُ مِنْ خِيَارِ الْمُسْلِمِينَ وَأَعْلَمِهِمْ، وَهُوَ مَأْجُورٌ فِيهِ عَلَى اجْتِهَادِهِ، لَكِنَّهُمْ لَا يُعَارِضُونَ قَوْلَ اللَّهِ وَقَوْلَ رَسُولِهِ بِشَيْءٍ أَصْلًا: لَا نَقْلَ نُقِلَ عَنْ غَيْرِهِ، وَلَا رَأْيَ رَآهُ غَيْرُهُ.

وَمَنْ سِوَاهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فَإِنَّمَا هُمْ وَسَائِطُ فِي التَّبْلِيغِ عَنْهُ: إِمَّا لِلَفْظِ حَدِيثِهِ، وَإِمَّا لِمَعْنَاهُ. فَقَوْمٌ بَلَّغُوا مَا سَمِعُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَحَدِيثٍ، وَقَوْمٌ


(١) ر، ي: وَأَمْثَالِهِمَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>