للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الأقوال التي انفردت بها الطوائف الْمُنْتَسِبة إِلَى السُّنَّةِ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ وَالرَّأْيِ]

وَكَذَلِكَ الطَّوَائِفُ الْمُنْتَسِبُونَ إِلَى السُّنَّةِ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ وَالرَّأْيِ، مِثْلِ الْكُلَّابِيَّةِ وَالْأَشْعَرِيَّةِ وَالْكَرَّامِيَّةِ وَالسَّالِمِيَّةِ، وَمِثْلُ طَوَائِفِ الْفِقْهِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالسُّفْيَانِيَّةِ وَالْأَوْزَاعِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنْبَلِيَّةِ وَالدَّاوُدِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ، مَعَ تَعْظِيمِ الْأَقْوَالِ الْمَشْهُورَةِ عَنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ *) (١) ، لَا يُوجَدُ لِطَائِفَةٍ مِنْهُمْ قَوْلٌ انْفَرَدُوا بِهِ عَنْ سَائِرِ الْأُمَّةِ وَهُوَ صَوَابٌ، بَلْ مَا مَعَ كُلِّ طَائِفَةٍ مِنْهُمْ مَنِ الصَّوَابِ يُوجَدُ عِنْدَ غَيْرِهِمْ (٢) مِنَ الطَّوَائِفِ، وَقَدْ يَنْفَرِدُونَ بِخَطَأٍ لَا يُوجَدُ عِنْدَ غَيْرِهِمْ، لَكِنْ قَدْ تَنْفَرِدُ طَائِفَةٌ بِالصَّوَابِ عَمَّنْ يُنَاظِرُهَا مِنَ الطَّوَائِفِ، كَأَهْلِ الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ: قَدْ يُوجَدُ لِكُلِّ وَاحِدٍ (٣) مِنْهُمْ أَقْوَالٌ انْفَرَدَ بِهَا، وَكَانَ الصَّوَابُ الْمُوَافِقُ لِلسُّنَّةِ مَعَهُ دُونَ الثَّلَاثَةِ، لَكِنْ يَكُونُ قَوْلُهُ قَدْ قَالَهُ غَيْرُهُ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَسَائِرِ عُلَمَاءِ الْأُمَّةِ، بِخِلَافِ مَا انْفَرَدُوا بِهِ وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْ غَيْرِهِمْ، فَهَذَا لَا يَكُونُ إِلَّا خَطَأً. وَكَذَلِكَ أَهِلُ الظَّاهِرِ كُلُّ قَوْلٍ انْفَرَدُوا بِهِ عَنْ سَائِرِ الْأُمَّةِ فَهُوَ خَطَأٌ، وَأَمَّا مَا انْفَرَدُوا بِهِ عَنِ الْأَرْبَعَةِ وَهُوَ صَوَابٌ فَقَدْ قَالَهُ غَيْرُهُمْ مِنَ السَّلَفِ.

وَأَمَّا الصَّوَابُ الَّذِي يَنْفَرِدُ بِهِ كُلُّ طَائِفَةٍ مِنَ الثَّلَاثَةِ فَكَثِيرٌ (٤) ، لَكِنَّ الْغَالِبَ أَنَّهُ يُوَافِقُهُ عَلَيْهِ بَعْضُ أَتْبَاعِ الثَّلَاثَةِ. وَذَلِكَ كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ بِأَنَّ الْمُحْرِمَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَلْبَسَ الْخُفَّ الْمَقْطُوعَ وَمَا أَشْبَهَهُ كَالْجُمْجُمِ وَالْمَدَاسِ. وَهُوَ وَجْهٌ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ (٥) وَغَيْرِهِ، وَقَوْلُهُ: بِأَنَّ (٦) الْجِدَّ يُسْقِطُ الْإِخْوَةَ، وَقَدْ وَافَقَهُ عَلَيْهِ بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ، وَكَقَوْلِهِ بِأَنَّ طَهَارَةَ الْمَسْحِ


(١) مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (م) .
(٢) ح، ب، ر، ي، و: غَيْرُهَا.
(٣) وَاحِدٍ، فِي (ن) ، (م) فَقَطْ.
(٤) ح، ب: فَهُوَ كَثِيرٌ.
(٥) ح، ب: الشَّافِعِيِّ.
(٦) بِأَنَّ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) ، وَفِي (ح) ، (ب) : إِنَّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>