للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُقَدَّمَ الْمَسْجِدِ تَكُونُ فِيهِ الْأَفْعَالُ الْمُتَقَدِّمَةُ بِالزَّمَانِ عَلَى مُؤَخَّرِهِ، فَالْإِمَامُ يَتَقَدَّمُ فِعْلُهُ بِالزَّمَانِ لِفِعْلِ الْمَأْمُومِ، فَسُمِّيَ مَحَلُّ الْفِعْلِ الْمُتَقَدِّمِ مُتَقَدِّمًا، وَأَصْلُهُ هَذَا.

وَكَذَلِكَ التَّقَدُّمُ بِالرُّتْبَةِ، فَإِنَّ أَهْلَ الْفَضَائِلِ مُقَدَّمُونَ فِي الْأَفْعَالِ الشَّرِيفَةِ وَالْأَمَاكِنِ (١) ، وَغَيْرِ ذَلِكَ عَلَى مَنْ هُوَ (٢) دُونَهُمْ، فَسُمِّيَ ذَلِكَ تَقَدُّمًا، وَأَصْلُهُ هَذَا.

وَحِينَئِذٍ فَإِنْ كَانَ الرَّبُّ هُوَ الْأَوَّلَ الْمُتَقَدِّمَ عَلَى كُلِّ مَا سِوَاهُ (٣) كَانَ كُلُّ شَيْءٍ مُتَأَخِّرًا عَنْهُ، وَإِنْ قُدِّرَ أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ فَاعِلًا فَكُلُّ فِعْلٍ مُعَيَّنٍ وَمَفْعُولٍ مُعَيَّنٍ هُوَ مُتَأَخِّرٌ عَنْهُ.

[الزمان المطلق مقدار الحركة المطلقة]

وَإِذَا قِيلَ: الزَّمَانُ مِقْدَارُ الْحَرَكَةِ، فَلَيْسَ هُوَ مِقْدَارَ حَرَكَةٍ مُعَيَّنَةٍ كَحَرَكَةِ الشَّمْسِ، أَوِ الْفَلَكِ (٤) ، بَلِ الزَّمَانُ الْمُطْلَقُ مِقْدَارُ الْحَرَكَةِ الْمُطْلَقَةِ، وَقَدْ كَانَ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ اللَّهُ (٥) السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حَرَكَاتٌ وَأَزْمِنَةٌ، وَبَعْدَ أَنْ يُقِيمَ اللَّهُ الْقِيَامَةَ، فَتَذْهَبُ الشَّمْسُ، وَالْقَمَرُ تَكُونُ فِي الْجَنَّةِ حَرَكَاتٌ وَأَزْمِنَةٌ (٦) ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا} [سُورَةِ مَرْيَمَ: ٦٢] .

وَجَاءَ فِي الْآثَارِ أَنَّهُمْ يَعْرِفُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ بِأَنْوَارٍ تَظْهَرُ مِنْ جِهَةِ


(١) أ، ب: وَالْأَمْكِنَةِ.
(٢) هُوَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(٣) أ، ب: فَإِذَا كَانَ الرَّبُّ هُوَ الْأَوَّلَ كَالْمُتَقَدِّمِ عَلَى مَا سِوَاهُ. إِلَخْ.
(٤) ب:. حَرَكَةٍ مُعَيَّنَةٍ لِلشَّمْسِ أَوِ الْفَلَكِ ; أ: حَرَكَةٍ مُعَيَّنَةِ الشَّمْسِ أَوِ الْفَلَكِ.
(٥) لَفْظُ الْجَلَالَةِ لَيْسَ فِي (أ) ، (ب) .
(٦) وَأَزْمِنَةٌ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .

<<  <  ج: ص:  >  >>