للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَوْلَ الْعَرْشِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ الشَّيْطَانُ، وَتِلْكَ الشَّيَاطِينُ حَوْلَهُ، وَقَدْ جَرَى هَذَا لِغَيْرِ وَاحِدٍ.

[فَصْلٌ الكلام على محبة الله تعالى]

(فَصْلٌ)

وَقَدِ اعْتَرَفَ طَوَائِفُ بِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ أَنْ يُحَبَّ، وَأَنْكَرُوا أَنَّهُ يُحِبُّ غَيْرَهُ إِلَّا بِمَعْنَى الْإِرَادَةِ الْعَامَّةِ، فَإِنَّ مَحَبَّةَ الْمُؤْمِنِينَ لِرَبِّهِمْ أَمْرٌ مَوْجُودٌ فِي الْقُلُوبِ (١) وَالْفِطَرِ، شَهِدَ بِهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ، وَاسْتَفَاضَ عَنْ سَلَفِ الْأُمَّةِ وَأَهْلِ الصَّفْوَةِ، وَاتَّفَقَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ بِاللَّهِ.

وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ الْتِذَاذَ الْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِالنَّظَرِ إِلَى اللَّهِ أَعْظَمُ لَذَّةٍ فِي الْجَنَّةِ، فَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: " «إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ نَادَى مُنَادٍ يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ: إِنَّ لَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ مَوْعِدًا يُرِيدُ أَنْ يُنْجِزَكُمُوهُ. فَيَقُولُونَ: مَا هُوَ؟ أَلَمْ يُبَيِّضْ وُجُوهَنَا، وَيُثَقِّلْ مَوَازِينَنَا، وَيُدْخِلْنَا الْجَنَّةَ، وَيُجِرْنَا مِنَ النَّارِ؟ قَالَ: فَيَكْشِفُ الْحِجَابَ فَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ، فَمَا أَعْطَاهُمْ شَيْئًا أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنَ النَّظَرِ إِلَيْهِ. وَهُوَ الزِّيَادَةُ» " (٢) .

وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ: " «أَسْأَلُكَ لَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ، وَالشَّوْقَ إِلَى لِقَائِكَ، فِي غَيْرِ ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ، وَلَا فِتْنَةٍ مُضِلَّةٍ» (٣) ".


(١) ن: الْقَلْبِ.
(٢) سَبَقَ الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى ٣/١٦٦
(٣) سَبَقَ الْحَدِيثُ وَالتَّعْلِيقُ عَلَيْهِ فِيمَا مَضَى ٢/١١٤ - ١١٥، ٣/١٦٦ - ١٦٧

<<  <  ج: ص:  >  >>