للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَفَقَّهُوا فِي ذَلِكَ عَرَفُوا مَعْنَاهُ، وَمَا تَنَازَعُوا فِيهِ رَدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ.

[الحق لا يخرج عن أهل السنة]

فَلِهَذَا لَمْ يَجْتَمِعْ قَطُّ أَهْلُ الْحَدِيثِ عَلَى خِلَافِ قَوْلِهِ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ، وَالْحَقُّ لَا يَخْرُجُ عَنْهُمْ قَطُّ، وَكُلُّ مَا اجْتَمَعُوا عَلَيْهِ فَهُوَ مِمَّا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ، وَكُلُّ مَنْ خَالَفَهُمْ مِنْ خَارِجِيٍّ وَرَافِضِيٍّ وَمُعْتَزِلِيٍّ وَجَهْمِيٍّ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ، فَإِنَّمَا يُخَالِفُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَلْ مَنْ خَالَفَ مَذَاهِبَهُمْ فِي الشَّرَائِعِ الْعَمَلِيَّةِ كَانَ مُخَالِفًا لِلسُّنَّةِ الثَّابِتَةِ، وَكُلٌّ مِنْ هَؤُلَاءِ يُوَافِقُهُمْ فِيمَا خَالَفَ فِيهِ الْآخَرَ، فَأَهْلُ الْأَهْوَاءِ مَعَهُمْ بِمَنْزِلَةِ أَهْلِ الْمِلَلِ مَعَ الْمُسْلِمِينَ ; فَإِنَّ أَهْلَ السُّنَّةِ فِي الْإِسْلَامِ كَأَهْلِ الْإِسْلَامِ فِي الْمِلَلِ، كَمَا قَدْ بُسِطَ فِي مَوْضِعِهِ.

[إجماع الصحابة يغني عن دعوى أي إجماع آخر]

فَإِنْ قِيلَ: فَإِذَا كَانَ الْحَقُّ يَخْرُجُ عَنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ، فَلِمَ لَمْ يُذْكَرْ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ أَنَّ إِجْمَاعَهُمْ حُجَّةٌ، وَذُكِرَ الْخِلَافُ فِي ذَلِكَ، كَمَا تَكَلَّمَ عَلَى إِجْمَاعِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَإِجْمَاعِ الْعِتْرَةِ؟ .

قِيلَ: لِأَنَّ أَهْلَ الْحَدِيثِ لَا يَتَّفِقُونَ إِلَّا عَلَى مَا جَاءَ عَنِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ (١) وَمَا هُوَ مَنْقُولٌ عَنِ الصَّحَابَةِ، فَيَكُونُ الِاسْتِدْلَالُ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَبِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ مُغْنِيًا (٢) عَنْ دَعْوَى إِجْمَاعٍ يُنَازِعُ فِي كَوْنِهِ حُجَّةَ بَعْضِ النَّاسِ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَنْ يَدَّعِي إِجْمَاعَ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ إِجْمَاعًا ; فَإِنَّهُمْ يَذْكُرُونَ ذَلِكَ فِي مَسَائِلَ لَا نَصَّ فِيهَا، بَلِ النَّصُّ عَلَى خِلَافِهَا.

[وَكَذَلِكَ الْمُدَّعُونَ إِجْمَاعَ الْعِتْرَةِ يَدَّعُونَ ذَلِكَ فِي مَسَائِلَ لَا نَصَّ مَعَهُمْ


(١) ح، ب: مَا جَاءَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ.
(٢) ن، م، أ: مُعِينًا، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>