للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَكُونَ فَاعِلُهُ مُوجِبًا لَهُ بِالذَّاتِ سَوَاءٌ سُمِّيَ عِلَّةً تَامَّةً، أَوْ مُرَجِّحًا تَامًّا، أَوْ سُمِّيَ قَادِرًا مُخْتَارًا.

لَكِنَّ وُجُودَ الْمُوجِبِ بِالذَّاتِ. [فِي الْأَزَلِ] (١) مُحَالٌ ; لِأَنَّهُ يَسْتَلْزِمُ أَنْ يَكُونَ مُوجَبُهُ وَمُقْتَضَاهُ أَزَلِيًّا، وَهَذَا مُمْتَنِعٌ لِوُجُوهٍ:

مِنْهَا: أَنَّ الْمَفْعُولَ الْمُعَيَّنَ [لِلْفَاعِلِ] (٢) يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ مُقَارِنًا لَهُ فِي الزَّمَانِ أَزَلِيًّا مَعَهُ، لَا سِيَّمَا إِذَا اعْتُبِرَ مَعَ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ فَاعِلًا بِإِرَادَتِهِ وَقُدْرَتِهِ، فَإِنَّ مُقَارَنَةَ مَقْدُورِهِ الْمُعَيَّنِ لَهُ بِحَيْثُ يَكُونُ أَزَلِيًّا مَعَهُ مُحَالٌ، بَلْ هَذَا [مُحَالٌ] (٣) مُمْتَنِعٌ فِيمَا يُقَدَّرُ قَائِمًا بِهِ، فَإِنَّهُ يَمْتَنِعُ كَوْنُهُ (٤) مُرَادًا أَزَلِيًّا، فَلَأَنْ يَكُونَ مُمْتَنِعًا فِيمَا هُوَ مُنْفَصِلٌ عَنْهُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى.

وَمِنْهَا: أَنَّهُ إِذَا قُدِّرَ عِلَّةً تَامَّةً مُوجِبًا بِذَاتِهِ لَزِمَ أَنْ يُقَارِنَهُ مَعْلُولُهُ مُطْلَقًا، فَيَكُونُ كُلُّ شَيْءٍ مِنَ الْعَالَمِ أَزَلِيًّا، وَهَذَا مُحَالٌ خِلَافُ الْمُشَاهَدَةِ وَإِجْمَاعِ الْعُقَلَاءِ.

[القول بأن بعض العالم أزلي وبعضه ليس بأزلي يقتضي بطلان قولهم من وجوه]

وَإِذَا قِيلَ: إِنَّ بَعْضَ الْعَالَمِ أَزَلِيٌّ كَالْأَفْلَاكِ وَنَوْعِ الْحَرَكَاتِ، وَبَعْضَهُ لَيْسَ بِأَزَلِيٍّ كَآحَادِ الْأَشْخَاصِ، وَالْحَرَكَاتِ.

قِيلَ: هَذَا يَقْتَضِي بُطْلَانَ قَوْلِهِمْ مِنْ وُجُوهٍ:

أَحَدُهَا: أَنَّهُ إِذَا جَازَ كَوْنُهُ فَاعِلًا لِلْحَوَادِثِ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ أَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ كُلُّ مَا سِوَاهُ حَادِثًا، فَالْقَوْلُ بِقِدَمِ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ مِنَ الْعَالَمِ قَوْلٌ بِلَا حُجَّةٍ.


(١) فِي الْأَزَلِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(٢) لِلْفَاعِلِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(٣) مُحَالٌ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) فَقَطْ.
(٤) ن، م: قَائِمًا بِهِ يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>