للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثَّانِي: أَنَّ كَوْنَهُ مُحْدِثًا لِلْحَوَادِثِ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ بِدُونِ قِيَامِ سَبَبٍ بِهِ يُوجِبُ الْإِحْدَاثَ مُمْتَنِعٌ، فَإِنَّ الذَّاتَ إِذَا كَانَ حَالُهَا قَبْلَ هَذَا، وَبَعْدَ هَذَا، وَمَعَ هَذَا. (١) وَاحِدَةً امْتَنَعَ أَنْ تَخُصَّ هَذَا بِالْإِحْدَاثِ دُونَ هَذَا، بَلِ امْتَنَعَ أَنْ تُحْدِثَ شَيْئًا.

الثَّالِثُ: [أَنَّهُ] (٢) إِنْ (٣) جُوِّزَ أَنْ تُحْدِثَ شَيْئًا بِدُونِ سَبَبٍ يَقُومُ بِهَا جَازَ أَنْ يَكُونَ لِجَمِيعِ الْحَوَادِثِ ابْتِدَاءٌ، فَلَا يَكُونُ فِي الْعَالَمِ شَيْءٌ قَدِيمٌ، وَإِنْ لَمْ يُجَوَّزْ ذَلِكَ (٤) بَطَلَ قَوْلُهُمْ بِأَنَّهَا تُحْدِثُ الْحَوَادِثَ بِدُونِ سَبَبٍ يَقُومُ بِهَا.

الرَّابِعُ: أَنَّ إِحْدَاثَ الْحَوَادِثِ إِنْ لَمْ يَجُزْ بِدُونِ سَبَبٍ يَقُومُ بِهَا بَطَلَ قَوْلُهُمْ، وَإِنِ (٥) افْتَقَرَ إِلَى سَبَبٍ يَقُومُ بِهَا لَزِمَ أَنْ يَقُومَ بِهَا تِلْكَ الْأُمُورُ دَائِمًا شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ، فَلَا تَكُونُ فَاعِلَةً قَطُّ إِلَّا مَعَ قِيَامِ ذَلِكَ بِهَا، فَيَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ لَهَا مَفْعُولٌ مُعَيَّنٌ أَزَلًا وَأَبَدًا ; لِأَنَّ صُدُورَ ذَلِكَ عَنْ ذَاتٍ تَفْعَلُ مَا يَقُومُ بِهَا شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ مُمْتَنِعٌ ; لِأَنَّ مَا تَفْعَلُ بِهَذِهِ الْوَاسِطَةِ لَا يَكُونُ فِعْلُهَا إِلَّا شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ، فَيَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ لَهَا فِعْلٌ مُعَيَّنٌ لَازِمٌ لَهَا، وَإِذَا امْتَنَعَ ذَلِكَ امْتَنَعَ أَنْ يَكُونَ لَهَا مَفْعُولٌ مُعَيَّنٌ لَازِمٌ لَهَا.

الْخَامِسُ: أَنَّهُ إِذَا قُدِّرَ أَنَّ شَيْئًا مِنْ مَعْلُولَاتِهَا لَازِمٌ لَهَا أَزَلًا وَأَبَدًا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ إِلَّا لِكَوْنِ الذَّاتِ عِلَّةً تَامَّةً مُوجِبَةً لَهُ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُعَيَّنَ


(١) أ، ب، م: أَوْ بَعْدَ هَذَا أَوْ مَعَ هَذَا.
(٢) أَنَّهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) .
(٣) أ، ب: إِذَا.
(٤) أ، ب: إِنْ لَمْ يُجَوِّزُوا ذَلِكَ.
(٥) ن، م: فَإِنِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>