للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَخْصُوصٌ بِقَدْرٍ وَصِفَةٍ وَحَالٍ (١) ، وَهَذَا التَّخْصِيصُ الَّذِي فِيهِ يَسْتَلْزِمُ أَنْ يَكُونَ الِاخْتِصَاصُ فِي عِلَّتِهِ، وَإِلَّا فَالْعِلَّةُ الَّتِي لَا اخْتِصَاصَ لَهَا لَا تُوجِبُ مَا هُوَ مُخْتَصٌّ بِقَدْرٍ وَحَالٍ وَصِفَةٍ.

وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ إِذَا قُدِّرَ أَنَّ الْفَاعِلَ هُوَ الذَّاتُ الْمُجَرَّدَةُ عَنِ الْأَحْوَالِ الْمُتَعَاقِبَةِ عَلَيْهَا سَوَاءٌ قِيلَ: إِنَّهُ لَا يَقُومُ بِهَا الْأَحْوَالُ، أَوْ قِيلَ: إِنَّهَا تَقُومُ بِهَا لَكِنْ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ (٢) لَا تَكُونُ مُوجِبَةً لِشَيْءٍ قَدِيمٍ أَزَلِيٍّ إِلَّا لِمُجَرَّدِ الذَّاتِ الْمُجَرَّدَةِ عَنِ الْأَحْوَالِ الْمُتَعَاقِبَةِ ; لِأَنَّ الْأَحْوَالَ الْمُتَعَاقِبَةَ آحَادُهُا مَوْجُودَةٌ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ، فَيَمْتَنِعُ أَنْ تَكُونَ مُوجِبَةً (٣) لِشَيْءٍ قَدِيمٍ أَزَلِيٍّ، فَإِنَّ الْمُوجِبَ الْقَدِيمَ الْمُعَيَّنَ الْأَزَلِيَّ أَوْلَى أَنْ يَكُونَ قَدِيمًا أَزَلِيًّا مُعَيَّنًا، وَالْأَحْوَالُ الْمُتَعَاقِبَةُ لَيْسَ مِنْهَا (٤) شَيْءٌ قَدِيمٌ مُعَيَّنٌ (٥) أَزَلِيٌّ، فَيَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ الْمُوجَبُ الْمَشْرُوطُ بِهَا قَدِيمًا أَزَلِيًّا.

فَإِذَا قُدِّرَ أَنَّهُ قَدِيمٌ أَزَلِيٌّ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ إِلَّا بِتَقْدِيرِ أَنْ تَكُونَ الذَّاتُ الْمُجَرَّدَةُ هِيَ الْمُوجِبَةُ وَالذَّاتُ الْمُجَرَّدَةُ لَيْسَ فِيهَا اخْتِصَاصٌ يُوجِبُ تَخْصِيصَ الْفَلَكِ دُونَ غَيْرِهِ بِكَوْنِهِ مَعْلُولًا بِخِلَافِ مَا إِذَا قِيلَ: إِنَّهُ حَدَثَ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ لِأَسْبَابٍ أَوْجَبَتِ الْحُدُوثَ، وَالتَّخْصِيصَ، فَإِنَّ هَذَا السُّؤَالَ يَنْدَفِعُ، وَهَذَا دَلِيلٌ مُسْتَقِلٌّ فِي الْمَسْأَلَةِ، وَلَمْ يَتَقَدَّمْ بَعْدُ ذِكْرُهُ فِي هَذَا الْكِتَابِ.


(١) أ، ب: وَحَالَةٍ.
(٢) أ، ن، م: عَلَى التَّقْدِيرِ. وَالْمُثْبَتُ مِنْ (ب) .
(٣) ن (فَقَطْ) : فَيَمْتَنِعُ أَنْ تَكُونَ قَدِيمَةً مُوجِبَةً.
(٤) أ، ب: فِيهَا.
(٥) ن، م: مُعَيَّنٌ قَدِيمٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>