للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَبِهَذَا أَخَذَ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ فِي أَنَّ الدَّاعِيَ إِلَى الْبِدْعَةِ إِذَا تَابَ يُؤَجَّلُ سَنَةً، كَمَا أَجَّلَ عُمَرُ صُبَيْغًا، وَكَذَلِكَ الْفَاسِقُ إِذَا تَابَ، وَاعْتَبَرَ مَعَ التَّوْبَةِ صَلَاحَ الْعَمَلِ كَمَا يَقُولُ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ.

ثُمَّ لَوْ قُدِّرَ أَنَّهُ كَانَ يَسْتَحِقُّ النَّفْيَ الدَّائِمَ، فَغَايَةُ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ اجْتِهَادًا اجْتَهَدَهُ عُثْمَانُ فِي رَدِّهِ، لِصَاحِبِهِ أَجْرٌ مَغْفُورٌ لَهُ، أَوْ ذَنْبًا لَهُ أَسْبَابٌ كَثِيرَةٌ تُوجِبُ غُفْرَانَهُ.

[الرد على زعم الرافضي أن عثمان رضي الله عنه زوج مروان بن الحكم وسلمه خمس غنائم إفريقية]

وَقَوْلُهُ (١) : " وَمِنْهَا نَفْيُهُ أَبَا ذَرٍّ إِلَى الرَّبَذَةِ (٢) ، وَتَزْوِيجُهُ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ ابْنَتَهُ، وَتَسْلِيمُهُ خُمُسَ غَنَائِمَ إِفْرِيقِيَّةَ، وَقَدْ بَلَغَتْ مِائَتَيْ أَلْفِ دِينَارٍ ".

فَيُقَالُ: أَمَّا قِصَّةُ أَبِي ذَرٍّ فَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا. وَأَمَّا تَزْوِيجُهُ مَرْوَانَ ابْنَتَهُ فَأَيُّ شَيْءٍ فِي هَذَا مِمَّا يُجْعَلُ اخْتِلَافًا؟ .

وَأَمَّا إِعْطَاؤُهُ خُمُسَ غَنَائِمَ إِفْرِيقِيَّةَ، وَقَدْ بَلَغَتْ مِائَتَيْ أَلْفِ دِينَارٍ، فَمِنَ الَّذِي نَقَلَ ذَلِكَ؟ وَقَدْ تَقَدَّمَ (٣) قَوْلُهُ: " إِنَّهُ أَعْطَاهُ أَلْفَ أَلْفِ دِينَارٍ " وَالْمَعْرُوفُ أَنَّ خُمُسَ إِفْرِيقِيَةَ لَمْ يَبْلُغْ ذَلِكَ.


(١) أَيِ: ابْنِ الْمُطَهَّرِ الرَّافِضِيِّ فِي (ك) ص ١٤٤ (م) .
(٢) ن: الرَّنْدَهْ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ، وَقَالَ يَاقُوتُ فِي مُعْجَمِ الْبُلْدَانِ ٢/٧٤٩ (ط. فَلَوْجَلَ) : وَالرَّبَذَةُ مِنْ قُرَى الْمَدِينَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ قَرِيبَةٍ مِنْ ذَاتِ عِرْقٍ عَلَى طَرِيقِ الْحِجَازِ إِذَا رَحَلْتَ مِنْ فَيْدَ تُرِيدُ مَكَّةَ، وَبِهَذَا الْمَوْضِعِ قَبْرُ أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَاسْمُهُ جُنْدُبُ بْنُ جُنَادَةَ، وَكَانَ قَدْ خَرَجَ إِلَيْهَا مُغَاضِبًا لِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَأَقَامَ بِهَا إِلَى أَنْ مَاتَ فِي سَنَةِ ٣٢
(٣) ب: وَتَقَدَّمَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>