للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَذَلِكَ يَوْمَ خَيْبَرَ (١) كَانَ قَدْ طَلَبَ عَلِيًّا، فَقَدِمَ وَهُوَ أَرْمَدُ، فَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ، وَلَمْ يَكُنْ بِالْمَدِينَةِ لَا هُوَ وَلَا عَلِيٌّ.

وَكَذَلِكَ يَوْمَ حُنَيْنٍ وَالطَّائِفِ، وَكَذَلِكَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ كَانَ عَلِيٌّ بِالْيَمَنِ، وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَرَجَ حَاجًّا فَاجْتَمَعَا بِمَكَّةَ وَلَيْسَ بِالْمَدِينَةِ وَاحِدٌ مِنْهُمَا.

وَالرَّافِضَةُ مِنْ فَرْطِ جَهْلِهِمْ يَكْذِبُونَ الْكَذِبَ الَّذِي لَا يَخْفَى عَلَى مَنْ لَهُ بِالسِّيرَةِ أَدْنَى عِلْمٍ.

[الرد على قول الرافضي أن النبي أَمَّرَ أُسَامَةَ عَلَى الْجَيْشِ الَّذِينَ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ]

وَأَمَّا قَوْلُهُ: " إِنَّهُ أَمَّرَ أُسَامَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَلَى الْجَيْشِ الَّذِينَ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ ".

فَمِنَ الْكَذِبِ الَّذِي يَعْرِفُهُ مَنْ لَهُ أَدْنَى مَعْرِفَةٍ بِالْحَدِيثِ، فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ لَمْ يَكُنْ فِي [ذَلِكَ] ذَلِكَ: (٢) الْجَيْشِ، بَلْ كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسْتَخْلِفُهُ فِي الصَّلَاةِ فِي حِينِ (٣) . مَرِضَ إِلَى أَنْ مَاتَ، وَأُسَامَةُ قَدْ رُوِيَ أَنَّهُ قَدْ عُقِدَ لَهُ الرَّايَةُ قَبْلَ مَرَضِهِ، ثُمَّ لَمَّا مَرِضَ أَمَرَ أَبَا بَكْرٍ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ، فَصَلَّى بِهِمْ إِلَى أَنْ مَاتَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (٤) ، فَلَوْ قُدِّرَ أَنَّهُ أُمِرَ بِالْخُرُوجِ


(١) أ، ب: وَيَوْمَ خَيْبَرَ.
(٢) سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (هـ) .
(٣) أ، ب: قَدِ اسْتَخْلَفَهُ مِنْ حِينِ.
(٤) فِي " إِمْتَاعِ الْأَسْمَاعِ " لِلْمَقْرِيزِيِّ ١/٥٣٦ - ٥٣٩ (تَحْقِيقُ الْأُسْتَاذِ مَحْمُود مُحَمَّد شَاكِر، ط. لَجْنَةِ التَّأْلِيفِ وَالتَّرْجَمَةِ وَالنَّشْرِ، الْقَاهِرَةِ، ١٩٤١) أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَّرَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ لِأَرْبَعٍ بَقِينَ مِنْ صَفَرٍ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ بِالتَّهَيُّؤِ لِغَزْوِ الرُّومِ، ثُمَّ دَعَا مِنَ الْغَدِ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ لِتَوَلِّي إِمْرَةَ الْجَيْشِ وَأَوْصَاهُ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْأَرْبِعَاءِ ابْتَدَأَ مَرَضُ رَسُولِ اللَّهِ فَصُدِعَ وَحُمَّ، وَعَقَدَ يَوْمَ الْخَمِيسِ لِأُسَامَةَ لِوَاءً بِيَدِهِ، فَخَرَجَ أُسَامَةُ وَعَسْكَرَ بِالْجُرُفِ، وَخَرَجَ النَّاسُ، وَلَمْ يَبْقَ أَحَدٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ وَالْأَنْصَارِ إِلَّا انْتُدِبَ فِي تِلْكَ الْغَزْوَةِ كَعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَأَبِي عُبَيْدَةَ وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَتَكَلَّمَ رِجَالٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ فِي ذَلِكَ وَقَالُوا: يَسْتَعْمِلُ هَذَا الْغُلَامَ عَلَى الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ، فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَخَطَبَ النَّاسَ فِي ذَلِكَ، ثُمَّ نَزَلَ فَدَخَلَ بَيْتَهُ وَذَلِكَ يَوْمَ السَّبْتِ لِعَشْرٍ خَلَوْنَ
مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، وَجَاءَ الْمُسْلِمُونَ الَّذِينَ يَخْرُجُونَ مَعَ أُسَامَةَ يُوَدِّعُونَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِمْ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: أَنْفِذُوا بَعْثَ أُسَامَةَ، فَمَضَى النَّاسُ إِلَى الْمُعَسْكَرِ فَبَاتُوا لَيْلَةَ الْأَحَدِ، وَنَزَلَ أُسَامَةُ يَوْمَ الْأَحَدِ فَعَادَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مُعَسْكَرِهِ وَغَدَا مِنْهُ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ، فَأَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُفِيقًا، وَجَاءَهُ أُسَامَةُ، فَقَالَ اغْدُ عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ، فَوَدَّعَهُ أُسَامَةُ وَرَسُولُ اللَّهِ مُفِيقٌ ". يَقُولُ الْمَقْرِيزِيُّ: " وَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَصْبَحْتَ مُفِيقًا بِحَمْدِ اللَّهِ، وَالْيَوْمُ يَوْمُ ابْنَةِ خَارِجَةَ فَأْذَنْ لِي، فَأَذِنَ لَهُ، فَذَهَبَ إِلَى السُّنْحِ، وَرَكِبَ أُسَامَةُ إِلَى مُعَسْكَرِهِ وَصَاحَ فِي أَصْحَابِهِ بِاللُّحُوقِ بِالْعَسْكَرِ. . . فَبَيْنَا هُوَ يُرِيدُ أَنْ يَرْكَبَ مِنَ الْجُرُفِ، أَتَاهُ رَسُولُ أُمِّهِ - أُمِّ أَيْمَنَ - تُخْبِرُهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ يَمُوتُ، فَأَقْبَلَ إِلَى الْمَدِينَةِ مَعَهُ عُمَرُ وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فَانْتَهَوْا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يَمُوتُ ". وَانْظُرْ: سِيرَةَ ابْنِ هِشَامٍ ٤/٢٩١، ٢٩٨ - ٣٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>