للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْ أَنْ تَكُونَ ذُنُوبًا، وَتَجْعَلُهَا مِنْ مَوَارِدِ الِاجْتِهَادِ الَّتِي إِنْ أَصَابَ الْمُجْتَهِدُ فِيهَا فَلَهُ أَجْرَانِ وَإِنْ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ.

وَعَامَّةُ الْمَنْقُولِ الثَّابِتِ عَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ مِنْ هَذَا الْبَابِ، وَمَا قُدِّرَ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ ذَنْبًا مُحَقَّقًا فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَقْدَحُ فِيمَا عُلِمَ مِنْ فَضَائِلِهِمْ وَسَوَابِقِهِمْ وَكَوْنِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ; لِأَنَّ الذَّنْبَ الْمُحَقَّقَ يَرْتَفِعُ عِقَابُهُ فِي الْآخِرَةِ بِأَسْبَابٍ مُتَعَدِّدَةٍ.

مِنْهَا (١) : التَّوْبَةُ الْمَاحِيَةُ. وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ أَئِمَّةِ الْإِمَامِيَّةِ (٢) أَنَّهُمْ تَابُوا مِنَ الذُّنُوبِ الْمَعْرُوفَةِ عَنْهُمْ.

وَمِنْهَا: الْحَسَنَاتُ الْمَاحِيَةُ لِلذُّنُوبِ ; فَإِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ. وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} [سُورَةُ النِّسَاءِ ٣] وَمِنْهَا: الْمَصَائِبُ الْمُكَفِّرَةُ.

وَمِنْهَا: دُعَاءُ الْمُؤْمِنِينَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ، وَشَفَاعَةُ نَبِيِّهِمْ، فَمَا مِنْ سَبَبٍ يَسْقُطُ بِهِ الذَّمُّ وَالْعِقَابُ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الْأُمَّةِ (٣) إِلَّا وَالصَّحَابَةُ أَحَقُّ بِذَلِكَ، فَهُمْ أَحَقُّ بِكُلِّ مَدْحٍ، وَنَفْيِ كُلِّ ذَمٍّ مِمَّنْ بَعْدَهُمْ مِنَ الْأُمَّةِ.

[قاعدة جامعة " لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَعَ الْإِنْسَانِ أُصُولٌ كُلِّيَّةٌ يَرُدُّ إِلَيْهَا الْجُزْئِيَّاتِ لِيَتَكَلَّمَ بِعِلْمٍ وَعَدْلٍ]

[الكلام فِي تَصْوِيبِ الْمُجْتَهِدِينَ وَتَخْطِئَتِهِمْ وَتَأْثِيمِهِمْ فِي مَسَائِلِ الْفُرُوعِ وَالْأُصُولِ]

وَنَحْنُ نَذْكُرُ قَاعِدَةً جَامِعَةً فِي هَذَا الْبَابِ لَهُمْ وَلِسَائِرِ الْأُمَّةِ فَنَقُولُ: لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَعَ الْإِنْسَانِ أُصُولٌ كُلِّيَّةٌ يَرُدُّ إِلَيْهَا الْجُزْئِيَّاتِ لِيَتَكَلَّمَ بِعِلْمٍ وَعَدْلٍ، ثُمَّ يَعْرِفُ الْجُزَيْئَاتِ كَيْفَ وَقَعَتْ، وَإِلَّا فَيَبْقَى فِي كَذِبٍ وَجَهْلٍ فِي الْجُزْئِيَّاتِ وَجَهْلٍ وَظُلْمٍ فِي الْكُلِّيَّاتِ [فَيَتَوَلَّدُ فَسَادٌ عَظِيمٌ] (٤) .


(١) و: أَحَدُهَا.
(٢) و: عَنْ أَئِمَّتِهِمْ.
(٣) مِنَ الْأُمَّةِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(٤) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .

<<  <  ج: ص:  >  >>