للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أدلة السمع على حدوث العالم لا يمكن تأويلها]

وَالنَّصَارَى (١) وَغَيْرِهِمْ، فَبَيَّنُوا فَسَادَ مَا سَلَكَهُ (٢) الْقَائِلُونَ بِقِدَمِ الْعَالَمِ مِنَ الْعَقْلِيَّاتِ، وَذَكَرُوا الْحُجَجَ الْمَنْقُولَةَ عَنْ أَرِسْطُو وَغَيْرِهِ وَاحِدَةً وَاحِدَةً، وَبَيَّنُوا فَسَادَهَا، ثُمَّ قَالُوا: نَتَلَقَّى هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ (٣) مِنَ السَّمْعِ، فَالرُّسُلُ قَدْ أَخْبَرَتْ بِمَا لَا يَقُومُ دَلِيلٌ [عَقْلِيٌّ] (٤) عَلَى نَقِيضِهِ، فَوَجَبَ تَصْدِيقُهُمْ فِي هَذَا.

وَلَمْ يُمْكِنْ تَأْوِيلُ ذَلِكَ لِوُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّهُ قَدْ عُلِمَ بِالِاضْطِرَارِ مُرَادُهُمْ، فَلَيْسَ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ إِلَّا التَّكْذِيبُ الْمَحْضُ لِلرُّسُلِ.

وَالثَّانِي: أَنَّ هَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ أَهْلِ الْمِلَلِ، سَلَفِهِمْ وَخَلَفِهِمْ، بَاطِنًا وَظَاهِرًا، فَيُمْتَنَعُ مَعَ هَذَا أَنْ تَكُونَ الرُّسُلُ كَانَتْ مُضْمِرَةً لِخِلَافِ ذَلِكَ، كَمَا يَقُولُهُ [مَنْ يَقُولُهُ] (٥) مِنْ هَؤُلَاءِ الْبَاطِنِيَّةِ.

الثَّالِثُ: أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْعَقْلِ مَا يُنَافِي ذَلِكَ، بَلْ كُلُّ مَا يُنَافِيهِ مِنَ الْمَعْقُولَاتِ فَهُوَ فَاسِدٌ يُعْلَمُ فَسَادُهُ بِصَرِيحِ الْعَقْلِ.

الرَّابِعُ: أَنَّ فِي الْعَقْلِيَّاتِ مَا يُصَدِّقُ ذَلِكَ، ثُمَّ كُلٌّ مِنْهُمْ يَسْلُكُ فِي ذَلِكَ مَا تَيَسَّرَ لَهُ مِنَ الْعَقْلِيَّاتِ.

الْخَامِسُ: أَنَّهُ مَعْلُومٌ بِالْفِطْرَةِ [وَالضَّرُورَةِ] (٦) أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مُحْدِثٍ


(١) وَالنَّصَارَى: سَاقِطَةٌ مِنْ (ا) ، (ب) .
(٢) ا، ب: مَا سَلَكَ.
(٣) ا، ب: الْمِلَّةَ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(٤) عَقْلِيٌّ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(٥) عِبَارَةُ " مَنْ يَقُولُهُ ": سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(٦) وَالضَّرُورَةِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .

<<  <  ج: ص:  >  >>