للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّهُ مَعْلُولُ الْعِلَّةِ الْقَدِيمَةِ، وَإِذَا سُئِلَ أَحَدُهُمْ: هَلِ الْعَالَمُ مُحْدَثٌ أَوْ قَدِيمٌ؟ يَقُولُ: هُوَ مُحْدَثٌ وَقَدِيمٌ، وَيَعْنِي بِذَلِكَ أَنَّ الْفَلَكَ قَدِيمٌ بِنَفْسِهِ (١) لَمْ يَزَلْ، وَأَنَّهُ مُحْدَثٌ يَعْنُونَ بِكَوْنِهِ مُحْدَثًا لَهُ أَنَّهُ مَعْلُولٌ (٢) عِلَّةً قَدِيمَةً.

[بطلان الاحتجاج بالأفول على الإمكان والحركة]

وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ يَقُولُهَا ابْنُ سِينَا وَأَمْثَالُهُ مِنَ الْبَاطِنِيَّةِ، فَإِنَّهُمْ يَأْخُذُونَ عِبَارَاتِ الْمُسْلِمِينَ، فَيُطْلِقُونَهَا عَلَى (٣) مَعَانِيهِمْ، كَمَا قَالَ مِثْلَ ذَلِكَ فِي لَفْظِ (الْأُفُولِ.) ، فَإِنَّ أَهْلَ الْكَلَامِ الْمُحْدَثِ لَمَّا احْتَجُّوا بِحُدُوثِ الْأَفْعَالِ عَلَى حُدُوثِ الْفَاعِلِ الَّذِي قَامَتْ بِهِ الْأَفْعَالُ، وَزَعَمُوا أَنَّ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلَ احْتَجَّ بِهَذَا، وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالْأُفُولِ (٤) الْحَرَكَةُ وَالِانْتِقَالُ، وَأَنَّهُ اسْتَدَلَّ بِذَلِكَ عَلَى حُدُوثِ الْمُتَحَرِّكِ وَالْمُنْتَقِلِ. نَقَلَ ابْنُ سِينَا هَذِهِ الْمَادَّةَ إِلَى أَصْلِهِ، وَذَكَرَ هَذَا فِي (إِشَارَاتِهِ) فَجَعَلَ هَذَا (٥) الْأُفُولَ عِبَارَةً عَنِ الْإِمْكَانِ، وَقَالَ: إِنَّ مَا هَوَى فِي حَظِيرَةِ الْإِمْكَانِ هَوَى فِي حَظِيرَةِ الْأُفُولِ (٦) ، وَلَفْظُهُ: (٧) (فَإِنَّ الْهَوَى فِي حَظِيرَةِ الْإِمْكَانِ أُفُولٌ مَا.) .

وَذَلِكَ أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَقُولَ بِقَوْلِ سَلَفِهِ الْفَلَاسِفَةِ مَعَ قَوْلِهِ بِمَا يُشْبِهُ طَرِيقَةَ الْمُتَكَلِّمِينَ، وَالْمُتَكَلِّمُونَ اسْتَدَلُّوا عَلَى حُدُوثِ الْجِسْمِ بِطَرِيقَةِ التَّرْكِيبِ،


(١) ن، م: فِي نَفْسِهِ.
(٢) أ، ب: وَأَنَّهُ مُحْدَثٌ بِمَعْنَى أَنَّهُ مَعْلُولٌ، م: وَأَنَّهُ مُحْدَثٌ يَعْنِي مَعْلُولٌ. .
(٣) ن، م: فِي.
(٤) ن، م: بِالْأَقْوَالِ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(٥) ن، م، أ: هُوَ.
(٦) ن، م: إِنَّ كُلَّ مُمْكِنٍ هَاوٍ فِي حَضِيرَةِ الْأُفُولِ وَالْإِمْكَانِ هَوَى فِي حَضِيرَةِ الْأُفُولِ ; أ: كُلٌّ مِمَّنْ هَاوَى فِي حَظِيرَةِ الْأُفُولِ هَوَى فِي حَظِيرَةِ الْأُفُولِ.
(٧) فِي: الْإِشَارَاتِ وَالتَّنْبِيهَاتِ ٣، ٤/٥٣٢ تَحْقِيقَ د. سُلَيْمَانَ الدُّنْيَا، ط. الْمَعَارِفَ، الْقَاهِرَةِ ١٩٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>