للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَآخَرُونَ سَلَكُوا أَعَمَّ مِنْ هَذَا فَقَالُوا: الْجِسْمُ لَا يَخْلُو عَنِ الْأَعْرَاضِ، وَالْأَعْرَاضُ حَادِثَةٌ لَا تَبْقَى زَمَانَيْنِ.

وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: الْجِسْمُ لَا يَخْلُو عَنْ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ (١) الْأَعْرَاضِ لِأَنَّهُ قَابِلٌ لَهُ، وَالْقَابِلُ لِلشَّيْءِ لَا يَخْلُو عَنْهُ وَعَنْ ضِدِّهِ.

وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: الْجِسْمُ لَا يَخْلُو عَنِ الْاجْتِمَاعِ وَالِافْتِرَاقِ وَالْحَرَكَةِ وَالسُّكُونِ، وَهَذِهِ الْأَنْوَاعُ الْأَرْبَعَةُ هِيَ الْأَكْوَانُ، فَالْجِسْمُ (٢) لَا يَخْلُو عَنِ الْأَكْوَانِ.

وَالْكَلَامُ فِي هَذِهِ الطُّرُقِ وَلَوَازِمِهَا كَثِيرٌ قَدْ بُسِطَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، وَالْمَقْصُودُ هُنَا التَّنْبِيهُ.

وَهَذَا الْكَلَامُ، وَإِنْ كَانَ أَصْلُهُ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ، فَقَدْ دَخَلَ فِي كَلَامِ [الْمُثْبِتِينَ لِلصِّفَاتِ، حَتَّى فِي كَلَامِ] (٣) الْمُنْتَسِبِينَ إِلَى السُّنَّةِ الْخَاصَّةِ: الْمُنْتَسِبِينَ (٤) إِلَى الْحَدِيثِ وَالسُّنَّةِ، وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ (٥) وَغَيْرِهِمْ.

[موقف الأشعري من إثبات الصفات]

وَهَذَا مِنَ الْكَلَامِ الَّذِي بَقِيَ عَلَى الْأَشْعَرِيِّ مِنْ بَقَايَا كَلَامِ الْمُعْتَزِلَةِ، فَإِنَّهُ خَالَفَ (٦) الْمُعْتَزِلَةَ لَمَّا رَجَعَ عَنْ مَذْهَبِهِمْ فِي أُصُولِهِمُ الَّتِي اشْتُهِرُوا فِيهَا بِمُخَالَفَةِ (٧) [أَهْلِ] (٨) السُّنَّةِ كَإِثْبَاتِ الصِّفَاتِ وَالرُّؤْيَةِ، وَأَنَّ الْقُرْآنَ غَيْرُ


(١) ن: نَوْعٍ مِنْ نَوْعِ، وَهُوَ خَطَأٌ.
(٢) ن (فَقَطْ) : وَالْجِسْمُ.
(٣) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) فَقَطْ.
(٤) ن، م: وَالْمُنْتَسِبِينَ.
(٥) أ، ب: وَأَحْمَدَ وَأَبِي حَنِيفَةَ.
(٦) م: يُخَالِفُ.
(٧) ن: أَشْهَرُوهَا بِخِلَافِ.
(٨) أَهْلِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .

<<  <  ج: ص:  >  >>