للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: " وَالْفِرْقَةُ الثَّانِيَةُ (١) مِنْهُمْ: يَذْهَبُونَ إِلَى إِثْبَاتِ الْوَعِيدِ، وَأَنَّ اللَّهَ [عَزَّ وَجَلَّ] (٢) يُعَذِّبُ كُلَّ مُرْتَكِبٍ لِلْكَبَائِرِ (٣) مِنْ أَهْلِ مَقَالَتِهِمْ كَانَ أَوْ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ مَقَالَتِهِمْ، وَيُخَلِّدُهُمْ فِي النَّارِ ".

وَهَذَا قَوْلُ أَئِمَّةِ هَذَا الْإِمَامِيِّ مِنَ (٤) الْمُعْتَزِلَةِ وَنَحْوِهِمْ.

[القول الأول في معنى الظلم عند مثبتة القدر]

وَأَمَّا قَوْلُهُ: " وَيُثِيبُ الْمُطِيعَ لِئَلَّا يَكُونَ ظَالِمًا " (٥) فَقَدْ قَدَّمْنَا [أَنَّ] لِلْمُثْبِتِينَ (٦) لِلْقَدَرِ فِي تَفْسِيرِ الظُّلْمِ الَّذِي يَجِبُ تَنْزِيهُ اللَّهِ عَنْهُ قَوْلَيْنِ (٧) أَحَدُهُمَا: أَنَّ الظُّلْمَ [هُوَ] الْمُمْتَنِعُ لِذَاتِهِ وَهُوَ الْمُحَالُ لِذَاتِهِ (٨) .

[وَإِنْ كَانَ مَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ فَالرَّبُّ قَادِرٌ عَلَيْهِ، وَكُلُّ مَا كَانَ قَادِرًا عَلَيْهِ لَا يَكُونُ ظَالِمًا. وَهَذَا قَوْلُ الْجَهْمِ وَالْأَشْعَرِيِّ وَمُوَافِقِيهِمَا، وَقَوْلُ كَثِيرٍ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ، أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ.

وَيُرْوَى عَنْ إِيَاسِ بْنِ مُعَاوِيَةَ (٩) قَالَ: مَا نَاظَرْتُ بِعَقْلِي كُلِّهِ إِلَّا الْقَدَرِيَّةَ،


(١) ن: وَالثَّانِيَةُ.
(٢) عَزَّ وَجَلَّ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) .
(٣) الْمَقَالَاتِ: الْكَبَائِرِ.
(٤) ب، أ: عَنْ.
(٥) أَعَادَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ هُنَا بَعْضَ كَلَامِ ابْنِ الْمُطَهَّرِ السَّابِقِ بِنَصِّهِ. وَفِي (ن) ، (م) : لِئَلَّا يَكُونَ ذَلِكَ ظُلْمًا.
(٦) أ: فَقَدْ قَدَّمْنَا الْمُثْبِتِينَ ; ب: فَقَدْ قَدَّمْنَا لِلْمُثْبِتِينَ ; ن، م: فَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ الْمُثْبِتِينَ.
(٧) سَبَقَ ذِكْرُ قَوْلَيْ أَهْلِ السُّنَّةِ فِي تَفْسِيرِ الظُّلْمِ ١/١٣٤ - ١٣٥.
(٨) ن، م: أَنَّ الظُّلْمَ مُمْتَنِعٌ بِنَفْسِهِ وَهُوَ مُحَالٌ لِذَاتِهِ.
(٩) إِيَاسُ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ الْمُزَنِيُّ، أَبُو وَاثِلَةَ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: " كَانَ ثِقَةً، وَكَانَ قَاضِيًا عَلَى الْبَصْرَةِ، وَلَهُ أَحَادِيثُ، وَكَانَ عَاقِلًا مِنَ الرِّجَالِ فَطِنًا ". وَيُضْرَبُ بِإِيَاسٍ الْمَثَلُ فِي الذَّكَاءِ، وَقَدْ تُوُفِّيَ سَنَةَ ١٢٢. انْظُرْ تَرْجَمَتَهُ فِي: طَبَقَاتِ ابْنِ سَعْدٍ ٧/٢٣٤ - ٢٣٥ ; وَفَيَاتِ الْأَعْيَانِ ١/٢٢٣ - ٢٢٦ ; تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ ١/٣٩ ; الْأَعْلَامِ لِلزِّرِكْلِيِّ ١/٣٧٦ - ٣٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>