وَأَنَّ مَنْ صَدَّقَ بِهِ فَقَدْ جَعَلَ لِلْخَلْقِ حُجَّةً عَلَى الْخَالِقِ، كَمَا وَجَدْنَا كَثِيرًا مِنَ الشِّيعَةِ يَضَعُ حُجَجًا لَهُمْ عَلَى لِسَانِ بَعْضِ الْيَهُودِ، لِيُقَالَ لِأَهْلِ السُّنَّةِ: أَجِيبُوا هَذَا الْيَهُودِيَّ، وَيُخَاطِبُ بِذَلِكَ مَنْ لَا يُحْسِنُ أَنْ يُبَيِّنَ فَسَادَ تِلْكَ الْحُجَّةِ مِنْ جُهَّالِ الْعَامَّةِ.
[الرد على زعم الرافضي عن الاختلاف الواقع في مرض النبي صلى الله عليه وسلم]
وَأَمَّا قَوْلُ الْقَائِلِ: " إِنَّ مَثَارَ الْفَسَادِ بَعْدَ شُبْهَةِ إِبْلِيسَ الِاخْتِلَافُ الْوَاقِعُ فِي مَرَضِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ".
فَهَذَا مِنْ أَظْهَرِ [الْكَذِبِ] (١) الْبَاطِلِ، فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ قَصْدُهُ أَنَّ هَذَا أَوَّلُ ذَنْبٍ أُذْنِبَ، فَهَذَا بَاطِلٌ ظَاهِرُ الْبُطْلَانِ.
وَإِنْ كَانَ قَصْدُهُ أَنَّ هَذَا أَوَّلُ اخْتِلَافٍ وَقَعَ بَعْدَ تِلْكَ الشُّبْهَةِ، فَهُوَ بَاطِلٌ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ شُبْهَةَ إِبْلِيسَ لَمْ تُوقِعْ خِلَافًا بَيْنَ الْمَلَائِكَةِ، وَلَا سَمِعَهَا الْآدَمِيُّونَ مِنْهُ حَتَّى يُوقِعَ بَيْنَهُمْ خِلَافًا.
وَالثَّانِي: أَنَّ الْخِلَافَ مَا زَالَ بَيْنَ بَنِي آدَمَ مِنْ زَمَنِ نُوحٍ، وَاخْتِلَافِ النَّاسِ قَبْلَ الْمُسْلِمِينَ أَعْظَمُ بِكَثِيرٍ مِنَ اخْتِلَافِ الْمُسْلِمِينَ.
وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: ٢١٣] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: " كَانَ بَيْنَ آدَمَ
(١) الْكَذِبِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute