للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كُلِّ وَجْهٍ، كَانَ هَذَا مِنْ أَسَفِهِ السُّفَهَاءِ لَوْ وُجِدَ (١) ، فَكَيْفَ إِذَا كَانَ مُمْتَنِعًا؟ فَإِنَّهُ يَمْتَنِعُ أَنْ يَفْعَلَ الْمُخْتَارُ شَيْئًا حَتَّى يَتَرَجَّحَ عِنْدَهُ، فَيَكُونَ أَنْ يَفْعَلَهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ لَا يَفْعَلَهُ، وَتَرْجِيحُ الْأَحَبِّ لَذَّةً وَمَنْفَعَةً.

فَهَؤُلَاءِ الْقَدَرِيَّةُ الَّذِينَ يُعَلِّلُونَ بِالْغَرَضِ (٢) هُمُ (٣) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ مَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ غَرَضًا (٤) ، وَلَا يَكُونُ (٥) إِلَّا مُمْتَنِعًا أَوْ سَفَهًا، وَإِنْ أَثْبَتُوا (٦) غَرَضًا قَائِمًا بِهِ، لَزِمَ أَنْ يَكُونَ مَحَلًّا لِلْحَوَادِثِ، وَهُمْ يُحِيلُونَ ذَلِكَ. ثُمَّ الْغَرَضُ إِنْ كَانَ لِغَرَضٍ آخَرَ لَزِمَ التَّسَلْسُلُ، وَهُمْ يُحِيلُونَهُ فِي الْمَاضِي. وَلَهُمْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ قَوْلَانِ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِغَرَضٍ آخَرَ جَازَ أَنْ يَحْدُثَ لَا لِغَرَضٍ. فَهَذِهِ الْأُصُولُ الَّتِي اتَّفَقُوا عَلَيْهَا - هُمْ وَالْمُثْبِتُونَ لِلْقَدَرِ - هِيَ حُجَّةٌ لِأُولَئِكَ عَلَيْهِمْ (٧) .

[فصل مَنْ نَفَى قِيَامَ الْأُمُورِ الِاخْتِيَارِيَّةِ بِذَاتِ الرَّبِّ تَعَالَى لَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ أَقْوَالًا مُتَنَاقِضَةً فَاسِدَةً]

[ (فَصْلٌ) (٨)

وَفِي الْجُمْلَةِ مَنْ نَفَى قِيَامَ الْأُمُورِ الِاخْتِيَارِيَّةِ بِذَاتِ الرَّبِّ تَعَالَى لَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ أَقْوَالًا مُتَنَاقِضَةً فَاسِدَةً. وَلَمَّا (٩) كَانَتِ الْجَهْمِيَّةُ الْمُجْبِرَةُ وَالْقَدَرِيَّةُ الْمُعْتَزِلَةُ


(١) أ، ب: أَسَفَهِ النَّاسِ إِذَا وُجِدَ.
(٢) ن: يُعَلِّلُونَ بِالْقَدَرِ بِالْغَرَضِ.
(٣) هُمْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(٤) أ: عَرَضًا، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(٥) ع: أَوْ لَا يَكُونُ.
(٦) ب فَقَطْ: إِنْ أَثْبَتُوا.
(٧) أ، ب: عَلَيْهِمْ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
(٨) عِنْدَ كَلِمَةِ " فَصْلٌ " يُوجَدُ سَقْطٌ طَوِيلٌ فِي نُسْخَةٍ (ن) سَأُشِيرُ إِلَى نِهَايَتِهِ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
(٩) ب فَقَطْ: وَلِذَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>