للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحَوَادِثِ بِلَا سَبَبٍ، فَيَلْزَمُ الْقَوْلُ بِامْتِنَاعِ قِدَمِهِ (١) عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ، فَيَلْزَمُ امْتِنَاعُ الْقَوْلِ بِقِدَمِهِ عَلَى تَقْدِيرِ النَّقِيضَيْنِ، وَهُوَ الْمَطْلُوبُ.

[القول بإمكان حوادث لا أول لها مبطل للقول بقدم العالم]

وَهَذَا التَّقْدِيرُ الَّذِي نُرِيدُ أَنْ نَتَكَلَّمَ عَلَيْهِ، وَهُوَ تَقْدِيرُ إِمْكَانِ دَوَامِ الْحَوَادِثِ وَتَسَلْسُلِهَا وَإِمْكَانِ حَوَادِثَ لَا أَوَّلَ لَهَا، وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ فَيَمْتَنِعُ حُدُوثُ حَادِثٍ بِلَا سَبَبٍ حَادِثٍ بِالضَّرُورَةِ، وَاتِّفَاقُ الْعُقَلَاءِ فِيمَا نَعْلَمُ ; لِأَنَّ ذَلِكَ تَرْجِيحٌ لِأَحَدِ طَرَفَيِ الْمُمْكِنِ بِلَا مُرَجِّحٍ تَامٍّ مَعَ إِمْكَانِ الْمُرَجِّحِ التَّامِّ، وَحُدُوثُ الْحَوَادِثِ بِلَا سَبَبٍ حَادِثٍ مَعَ إِمْكَانِ حُدُوثِ السَّبَبِ الْحَادِثِ دَائِمًا.

وَهَذَا لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ مِنَ الْعُقَلَاءِ [فِيمَا نَعْلَمُ] (٢) ، وَهُوَ بَاطِلٌ ; لِأَنَّ ذَلِكَ (٣) يَقْتَضِي تَرْجِيحَ أَحَدِ الْمُتَمَاثِلَيْنِ عَلَى الْآخَرِ بِلَا مُرَجِّحٍ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ نِسْبَةُ الْحَادِثِ الْمُعَيَّنِ إِلَى جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ نِسْبَةً وَاحِدَةً، وَنِسْبَتُهَا إِلَى قُدْرَةِ الْفَاعِلِ الْقَدِيمِ وَإِرَادَتِهِ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ نِسْبَةً وَاحِدَةً، وَالْفَاعِلُ عَلَى حَالٍ وَاحِدَةٍ لَمْ يَزَلْ عَلَيْهَا كَانَ مِنَ الْمَعْلُومِ بِالضَّرُورَةِ أَنَّ تَخْصِيصَ وَقْتٍ بِدُونِ وَقْتٍ بِالْإِحْدَاثِ تَرْجِيحٌ (٤) لِأَحَدِ الْمُتَمَاثِلَيْنِ عَلَى الْآخَرِ بِلَا مُرَجِّحٍ.

وَأَيْضًا فَإِذَا قِيلَ: إِنَّ هَذَا جَائِزٌ، وَنَحْنُ نَتَكَلَّمُ عَلَى تَقْدِيرِ جَوَازِ دَوَامِ الْحَوَادِثِ جَازَ أَنْ يُرِيدَ حَادِثًا بَعْدَ حَادِثٍ لَا إِلَى أَوَّلٍ لَا يَقْتَضِي (٥) أَنْ يُرِيدَ حَادِثًا بِعَيْنِهِ فِي الْأَزَلِ ; لِأَنَّ وُجُودَ الْحَادِثِ الْمُعَيَّنِ فِي الْأَزَلِ مُحَالٌ


(١) أ، ب: امْتِنَاعُ الْقَوْلِ بِقِدَمِهِ.
(٢) فِيمَا نَعْلَمُ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(٣) أ، ب: لِأَنَّهُ.
(٤) ن، م: تَرْجِيحًا.
(٥) فِي (أ) ، (ب) : لَا يَنْقَضِي، وَفِي (ن) ، (م) : لَا إِلَى أَوَّلٍ يَقْتَضِي. وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ الصَّوَابُ مَا أَثْبَتُّهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>