للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَصْلٌ)

قَالَ الرَّافِضِيُّ (١) .: " وَأَمَّا عِلْمُ الْكَلَامِ فَهُوَ أَصْلُهُ، وَمِنْ خُطَبِهِ تَعَلَّمَ (٢) النَّاسُ، وَكُلُّ (٣) النَّاسِ تَلَامِيذُهُ ".

وَالْجَوَابُ: أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ كَذِبٌ لَا مَدْحَ فِيهِ ; فَإِنَّ الْكَلَامَ الْمُخَالِفَ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ بَاطِلٌ، وَقَدْ نَزَّهَ اللَّهُ عَلِيًّا عَنْهُ، وَلَمْ يَكُنْ فِي الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ أَحَدٌ يَسْتَدِلُّ عَلَى حُدُوثِ الْعَالَمِ بِحُدُوثِ الْأَجْسَامِ، وَيَثْبُتُ حُدُوثُ الْأَجْسَامِ بِدَلِيلِ الْأَعْرَاضِ وَالْحَرَكَةِ وَالسُّكُونِ، وَالْأَجْسَامُ مُسْتَلْزِمَةٌ لِذَلِكَ لَا تَنْفَكُّ عَنْهُ، وَمَا لَا يَسْبِقُ الْحَوَادِثَ فَهُوَ حَادِثٌ، وَيُبْنَى ذَلِكَ عَلَى حَوَادِثَ لَا أَوَّلَ لَهَا.

بَلْ أَوَّلُ مَا ظَهَرَ هَذَا الْكَلَامُ فِي الْإِسْلَامِ بَعْدَ الْمِائَةِ الْأُولَى، مِنْ جِهَةِ الْجَعْدِ بْنِ دِرْهَمٍ، وَالْجَهْمِ بْنِ صَفْوَانَ، ثُمَّ صَارَ إِلَى أَصْحَابِ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ، كَأَبِي الْهُذَيْلِ الْعَلَّافِ وَأَمْثَالِهِ.

وَعَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ، وَوَاصِلُ بْنُ عَطَاءٍ إِنَّمَا كَانَا يُظْهِرَانِ الْكَلَامَ فِي إِنْفَاذِ الْوَعِيدِ، وَأَنَّ النَّارَ لَا يَخْرُجُ مِنْهَا مَنْ دَخَلَهَا، وَفِي التَّكْذِيبِ بِالْقَدَرِ، وَهَذَا كُلُّهُ مِمَّا نَزَّهَ اللَّهُ عَنْهُ (٤) عَلِيًّا.


(١) فِي (ن) ص ١٧٩ (م)
(٢) ك: اسْتَفَادَ
(٣) ن، س، ب: وَكَانَ.
(٤) ن، م: مِنْهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>