للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَلْ وَلَا ذَكَرَ مَالِكٌ عَنْ عِكْرِمَةَ (١) فِي كُتُبِهِ إِلَّا أَثَرًا أَوْ أَثَرَيْنِ، وَلَا ذَكَرَ اسْمَ عِكْرِمَةَ فِي كُتُبِهِ أَصْلًا ; لِأَنَّهُ بَلَغَهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُمَا تَكَلَّمَا فِيهِ فَتَرَكَهُ لِذَلِكَ.

وَكَذَلِكَ لَمْ يُخَرِّجْ لَهُ مُسْلِمٌ، وَلَكِنَّ رَبِيعَةَ أَخَذَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، وَأَمْثَالِهِ مِنْ فُقَهَاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَسَعِيدٌ كَانَ يُرْجِعُ عِلْمَهُ إِلَى عُمَرَ، وَكَانَ قَدْ أَخَذَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَتَتَبَّعَ قَضَايَا عُمَرَ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَسْأَلُهُ عَنْهَا.

وَلِهَذَا يُقَالُ: إِنَّ مُوَطَّأَ مَالِكٍ أُخِذَتْ أُصُولُهُ (٢) عَنْ رَبِيعَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ عُمَرَ، وَقَالَ الرَّشِيدُ لِمَالِكٍ: قَدْ أَكْثَرْتَ فِي مُوَطَّئِكَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَأَقْلَلْتَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: " كَانَ أَوْرَعَ الرَّجُلَيْنِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ " فَهَذَا مُوَطَّأُ مَالِكٍ يُبَيِّنُ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ عَنْ مَالِكٍ مِنْ أَظْهَرِ الْكَذِبِ.

وَقَوْلُهُ: " ابْنُ عَبَّاسٍ تِلْمِيذُ عَلِيٍّ " كَلَامٌ بَاطِلٌ، فَإِنَّ رِوَايَةَ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عَلِيٍّ قَلِيلَةٌ، وَغَالِبُ أَخْذِهِ عَنْ عُمَرَ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَغَيْرِهِمْ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَكَانَ يُفْتِي بِقَوْلِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَنَازَعَ عَلِيًّا فِي مَسَائِلَ، مِثْلَ مَا أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ، قَالَ: " «أُتِيَ عَلِيٌّ بِقَوْمٍ زَنَادِقَةٍ فَحَرَّقَهُمْ، فَبَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: أَمَا لَوْ كُنْتُ لَمْ أُحَرِّقْهُمْ، لِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُعَذَّبَ بِعَذَابِ اللَّهِ، وَلَقَتَلْتُهُمْ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ (٣) " فَبَلَغَ ذَلِكَ عَلِيًّا، فَقَالَ: وَيْحَ ابْنَ عَبَّاسٍ، مَا أَسْقَطَهُ عَلَى الْهِنَاتِ!»


(١) عَنْ عِكْرِمَةَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب)
(٢) م: قِرَاءَتُهُ
(٣) سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى ١/٣٠٧

<<  <  ج: ص:  >  >>