للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السَّادِسُ: أَنَّهُ إِذَا كَانَتِ الْأَحْوَالُ لَازِمَةً لَهَا كَانَ بِتَقْدِيرِ فِعْلِهَا بِدُونِ الْأَحْوَالِ تَقْدِيرًا مُمْتَنِعًا، وَحِينَئِذٍ فَالذَّاتُ الْمُسْتَلْزِمَةُ لِلْأَحْوَالِ الْمُتَعَاقِبَةِ لَا تَفْعَلُ بِدُونِهَا، وَإِذَا كَانَ الْفَاعِلُ لَا يَفْعَلُ إِلَّا بِأَحْوَالٍ مُتَعَاقِبَةٍ امْتَنَعَ قِدَمُ شَيْءٍ مِنْ مَفْعُولَاتِهِ ; لِأَنَّ الْقَدِيمَ يَقْتَضِي عِلَّةً تَامَّةً أَزَلِيَّةً، وَمَا يَسْتَلْزِمُ الْأَحْوَالَ الْمُتَعَاقِبَةَ لَا يَكُونُ اقْتِضَاؤُهُ فِي الْأَزَلِ لِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ تَامًّا أَزَلِيًّا، بَلْ إِنَّمَا يَتِمُّ اقْتِضَاؤُهُ لِكُلِّ مَفْعُولٍ عِنْدَ وُجُودِ الْأَحْوَالِ الَّتِي بِهَا يَصِيرُ فَاعِلًا.

السَّابِعُ: أَنَّهُ إِنْ جَازَ أَنْ يَقُومَ بِالْفَاعِلِ الْأَحْوَالُ الْمُتَعَاقِبَةُ جَازَ، بَلْ وَجَبَ حُدُوثُ كُلِّ مَا سِوَاهُ، وَإِنْ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ، فَإِمَّا أَنْ يُقَالَ: يَمْتَنِعُ حُدُوثُ شَيْءٍ، وَمَعْلُومٌ وُجُودُ الْحَوَادِثِ، وَإِمَّا أَنْ يُقَالَ: بَلْ تَحْدُثُ بِلَا سَبَبٍ حَادِثٍ فِي الْفَاعِلِ، وَحِينَئِذٍ فَيَلْزَمُ جَوَازُ حُدُوثِ كُلِّ مَا سِوَى اللَّهِ تَعَالَى، فَإِنَّهُ إِذَا جَازَ أَنْ يُحْدِثَ الْحَوَادِثَ دَائِمًا بِلَا سَبَبٍ يَقْتَضِي حُدُوثَهَا، فَلَأَنْ تَحْدُثَ جَمِيعُهَا بِلَا سَبَبٍ يَقْتَضِي حُدُوثَهَا أَوْلَى، فَإِنَّ هَذَا أَقَلُّ مَحْذُورًا، فَإِذَا جَازَ الْحُدُوثُ مَعَ الْمَحْذُورِ الْأَعْظَمِ، فَمَعَ الْأَخَفِّ أَوْلَى.

وَأَيْضًا، فَالْأَوَّلُ إِنْ كَانَ مُسْتَلْزِمًا لِتِلْكَ الْحَوَادِثِ كَانَ الْجَمِيعُ قَدِيمًا، وَهُوَ مُمْتَنِعٌ كَمَا تَقَدَّمَ (١) ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَلْزِمًا لِتِلْكَ الْحَوَادِثِ كَانَتْ حَادِثَةً بَعْدَ أَنْ لَمْ تَكُنْ، فَيَلْزَمُ حُدُوثُ الْحَوَادِثِ بِدُونِ سَبَبٍ حَادِثٍ، [وَإِنْ كَانَ مُسْتَلْزِمًا لِنَوْعِهَا دُونَ الْآحَادِ، فَقَدْ عُرِفَ بُطْلَانُ ذَلِكَ مِنْ وُجُوهٍ] (٢) ، وَلَوْ (٣) جَازَ حُدُوثُ الْحَوَادِثِ بِدُونِ سَبَبٍ حَادِثٍ لِجَازَ حُدُوثُ الْعَالَمِ،


(١) أ: تَقَدَّرَ ; ب: تَقَرَّرَ.
(٢) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(٣) أ، ب: إِذَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>