للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلرَّسُولِ، وَالتَّسْبِيحُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا لِلَّهِ وَحْدَهُ ; قَالَ تَعَالَى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ} [سُورَةُ النُّورِ: ٥٢] ، فَجَعَلَ الطَّاعَةَ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ، وَالْخَشْيَةَ وَالتَّقْوَى لِلَّهِ وَحْدَهُ.

وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ} [سُورَةُ التَّوْبَةِ: ٥٩] ، فَجَعَلَ الْإِيتَاءَ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْإِيتَاءُ الشَّرْعِيُّ وَهُوَ مَا أَبَاحَهُ اللَّهُ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ بِخِلَافِ مَنْ آتَاهُ الْمُلْكَ خَلْقًا وَقَدْرًا وَلَمْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فِيهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ مَذْمُومٌ مُسْتَحِقٌّ لِلْعِقَابِ وَإِنْ كَانَ قَدْ آتَاهُ اللَّهُ ذَلِكَ خَلْقًا وَقَدْرًا، وَأَمَّا مَنْ رَضِيَ بِمَا آتَاهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ فَهُوَ مِمَّنْ رَضِيَ بِمَا أَحَلَّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَلَمْ يَطْلُبْ مَا حُرِّمَ عَلَيْهِ، كَالَّذِينَ قَالَ اللَّهُ فِيهِمْ: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ} ، ثُمَّ قَالَ: {وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ} [سُورَةُ التَّوْبَةِ: ٥٨، ٥٩] ، وَلَمْ يَقُلْ: وَرَسُولُهُ، لِأَنَّ اللَّهَ وَحْدَهُ كَافٍ عَبْدَهُ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} [سُورَةُ الزُّمَرِ: ٣٦] ، وَقَالَ: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} [سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ: ١١٧٣] ، ثُمَّ دَعَاهُمْ إِلَى أَنْ يَقُولُوا: {سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ} [سُورَةُ التَّوْبَةِ: ٥٩] ، فَذَكَرَ أَنَّ الرَّسُولَ (يُؤْتِيهِمْ) (١) ، وَأَنَّ ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَحْدَهُ، لَمْ يَقُلْ: مِنْ فَضْلِهِ وَفَضْلِ رَسُولِهِ، ثُمَّ ذَكَرَ قَوْلَهُمْ: {إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ} [سُورَةُ التَّوْبَةِ: ٥٩] ، وَلَمْ


(١) مَا بَيْنَ الْقَوْسَيْنِ زِيَادَةٌ يَسْتَقِيمُ بِهَا الْكَلَامُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>